مقدمة :
إن المهر حق مكتسب للزوجة تقره معظم الشرائع والقوانين . ونظراً لتفاقم
غلاء المهور في مجتمعنا . نتيجة لأسباب عديدة منها تزايد متطلبات الحياة من
جهة .وميل بعض أولياء الزوجات للتفاخر والتباهي بذلك من جهة أخرى . مع
اختلاف حدة هذه المشكلة من بيئة لأخرى . إضافة للخلافات التي تتم بسبب
المهر . وما ينتج عن غلائه من احجام بعض الشباب عن الزواج وتأخر سن الزواج
عن الحد الطبيعي مع ما يترتب عن هذا التأخير من مشاكل لا تنعكس على الشباب
ومؤسسة الزواج فقط وإنما على المجتمع ككل .
لهذا رغبت البحث بهذا الموضوع محاولاً ضبطه قدر الإمكان .
أحكام المهر

تعريف المهر وتكييفه الشرعي :
المهر : هومال يقدمه الزوج لزوجته على أنه هدية لازمة وعطاء واجب يثبت لها
لمجرد العقد الصحيح أو بالدخول في العقد الفاسد أو بالوطء بشبهة . وقد وردت
عدة أسماء للمهر في القرآن الكريم منها :
الصداق وهو ماخوذ من الصدق في رغبة الزوج للإقتران بالزوجة , والنحلة أي
العطاء بدون عوض , والفريضة وكذلك الأجر على اعتباره فرض من الله تعالى كما
جاء سورة النساء الآية 24 بعد بسم الله الرحمن الرحيم ( فما استمتعتم به
منهن فآتوهن أجورهن فريضة )
والمهر ليس ركناًمن أركان العقد ولا شرطا من شروط صحته, ولهذا أجاز
الفقهاءصحة الزواج بدون تسمية المهر لأن المهر أثر من آثار الزواج وقد جاء
في القرآن الكريم في سورة البقرة آية236 بعد بسم الله الرحمن الرحيم ( لا
جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنَ أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على
الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) .

دليل وجوب المهر وسببه :
جاء في سورة البقرة آية 4 بصيغةالأمر :بسم الله الرحمن الرحيم ( وآتوا
النساء صدقاتهن نحلة ) فيجب للزوجة على زوجها المهر بمجرد العقد . أما إذا
لم يسم الزوج لها مهراً يجب عليه مهر من يماثل الزوجة من أسرة أبيها مع
مراعاة تساوي الزوجين من حيث السن والجمال والثقافة والبكارة .......وفي
حال اشترط الزوج في العقد عدم وجود مهر فالعقد صحيح والشرط فاسد ويجب عليه
مهر المثل .

استحقاق المهر .متى يستحق كاملاً ومتى يستحق نصفه :
جاء في المادة 53 من قانون الأحوال الشخصية السوري ( يجب للزوجة المهر
بمجرد العقد الصحيح سواء أسمي عند العقد أم لم يسمى أم نفي أصلاً ) إذاً
يجب المهر في عقد الزواج الصحيح سواء أتم الدخول بين الزوجين أم لم يتم .
إلا أنه لا يثبت سوى نصف المهر إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول أو الخلوة
الصحيحة . حيث جاء في المادة 58 من قانون الأحوال الشخصية السوري ( إذا سمي
مهر في العقد الصحيح ووقع الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة وجب نصف
المهر ) . إذاً اشترط القانون لكي ينتصف المهر أن يكون قد سمي في العقد
وعلى ذلك لا ينصف مهر المثل ولا ما زيد على المهر بعد انشاء العقد ولا
المهر المتفق عليه بعد العقد . وكذلك اشترط النص بأن يكون العقد صحيحاً فلا
يتم تنصيف المهر إذا تم الطلاق في عقد النكاح الفاسد قبل الدخول . ولقد
جاء في القرار 25/41 تاريخ 8/2/73 الصادر عن الغرفة الشرعية لمحكمة النقض
والوارد في مجلة المحامون لعام 73 صفحة 73 (إذا كان النكاح فاسداً ووقع
التفريق بين الزوجين قبل الدخول فلا مهر للمرأة ولو خلا بها الزوج خلوة
صحيحة ) .وكذلك اشترط القانون بأن يكون سبب الطلاق ليس من الزوجة كما جاء
في المادة 59 ( إذا وقعت البينونة بسبب من قبل الزوجة قبل الدخول والخلوة
الصحيحة سقط المهر كله ) ولكن القانون جعل في جميع الأحوال التي يجب بها
مهر المثل إذا تم الطلاق قبل الدخول وجب للزوجة المتعة عوضاً عن نصف
المهركما جاء في نص المادة 61 ف2(إذا وقع الطلاق قبل الدخول والخلوة
الصحيحة إذا لم يكن هناك تسمية للمهر أو كانت تسميته فاسدة فعندئذٍ تجب
المتعة ) وقد عرف القانون المتعة على أنها كسوة مثل المرأة عند الخروج من
بيتها ويعتبر بها حال الزوج على ان لا تزيد عن نصف مهر المثل . ويثبت تمام
المهر بوفاة الزوج سواء كان قبل الدخول أو بعده .ويشترط لثبوت المهر في
العقد الفاسد أن يتم الدخول بين الزوجين فقط دون الخلوة الصحيحة .

مقدار المهر :
لم يرد في القآن الكريم والسنة النبوية تقدير حد أعلى للمهر أما الحد
الأدنى فقد ذهب الأحناف إلى أن أقل المهر هوعشرة دراهم واستدلوا بقوله عليه
الصلاة والسلام :
(لامهر أقل من عشرو دراهم فضة ) .إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أشار
إشارة رقيقة إلى استحباب عدم المغالاة في المهور بقوله صلى الله عليه وسلم :
( أكثرهن بركة أقلهن - أو أيسرهن – مهوراً ) .
أما القانون السوري لم يجعل للمهر حداً أعلى ولا أدنى فقد جاء في المادة 54
ف1 : لاحد لأقل المهر ولا لأكثره . ف2 :كل ماصح التزامه شرعاً صح أن يكون
مهراً .
فالإسلام لم يشترط في المهر المال المتقوَم فقد عقد الرسول صلى الله عليه
وسلم زواج رجل لا يملك شيئاً وجعل مهر زوجته أن يعلمها ما عنده من القرآن .
واعتبر قبول الإسلام واعتناقه مهراً إذا اشترطته الزوجة فقد خطب أبو طلحة
أم سليم الأنصارية وكان مشركاً واشترطت أن يكون مهرها اسلامه فأسلم .

تعجيل المهر أوتأجيله :
كما أن المهر ليس ركناً ولا شرطاً في العقد لذلك أجيز للزوج أن يدفعه
لزوجته حين العقد أوأن يأجله كله أو بعضه حسب الإتفاق بينهما .حيث جاء في
المادة 55 من قانون الاحوال الشخصية (يجوز تعجيل المهر أو تأجيله كلاً أو
بعضاً وعند عدم النص يتبع العرف ) كما جاء في القرار رقم 955 تاريخ
22/5/200الصادر عن الغرفة الشرعية لمحكمة النقض 0 (يستحق المعجل في المهر
بمجرد العقد ويتأكد بالدخول ) كما جاء في المادة 56 من القانون ( التأجيل
في المهر ينصرف إلى حين البينونة أو الوفاة ما لم ينص في العقد على أجل آخر
) إذاً يمكن تاجيل بعض أو كل المهر إلى الوفاة او الطلاق أو إلى أجل معين
يتفق عليه الزوجين المتعاقدين .وفي جميع الأحوال لا يمكن للزوج أن يلزم
زوجته المغادرة إلى بيت الزوجية ما دام معجل المهر غير مقبوضاً مالم تؤجل
هي قبضها لمعجل المهر صراحة أو ضمناً بإنتقالها إلى منزل الزوجية حيث جاء
في القرار رقم 824 تاريخ 8/5/2000 ( لا تعتبر الزوجة ناشزاً ما دام المهر
المعجل غير مقبوض ) .


مهر المثل :
مهر المثل : هومهر مثيلات المرأة المتزوجة من من قريباتها مع مراعاة توافر
التكافؤ بين الزوجين . حيث جاء في القرار رقم 52/45 الصادر عن الغرفة
الشرعية لمحكمة النقض تاريخ 22/7/ 72 (يقاس مهر المثل بمهر امرأة تماثل
الزوجة كأختها ابعيدة عنها وبنصاب الشهادة وإلا فالقول قول الزوج بيمينه ) .
- متى يجب مهر المثل ؟ جاء في المادة 61 من القانون ( يجب ةمهر المثل في
العقد الصحيح عند عدم تسمية مهر أو فساد التسمية ) وكذلك في المادة 53 (يجب
للزوجة المهر بمجرد العقد الصحيح سواء أسمي عند العقد أو لم يسمَ أم نفي
أصلاً ) إذاً يجب مهر المثل في الحالات التالية :
1- إذا لم يسم َ الزوجان او وليهما مهراً
2- إذا نفى الزوجان التسمية . بأن قال لها زوجيني نفسك على أن لا مهر لك عندي فقالت قبلت
3- إذا كانت تسمية المهر فاسدة كما لو تزوجها على مال غير مسموح التعامل
فيه شرعاً أو قانوناً . كما لوتزوجها بمهر من خمر أوبمال غير مسموح التعامل
به قانوناً . أو إذا كان المهر مجهولاً جهالة فاحشة كما لو قال لها تزوجتك
على عدد من الدراهم بعدد سنين عمري .

الزيادة في المهر المسمى أو الحط منه :
المهر المسمى : هوالمهر الذي يثبت بمجرد اتفاق الزوجين معاً مهما بلغت
قيمته طالما تم بإرادة ورضا الطرفين أو من ينوب عنهما حيث جاء في القانون
السوري مادة57 ( للزوج الزيادة في المهر بعد العقد وللمرأة الحط منه إذا
كانا كاملي أهلية التصرف . ويلحق ذلك بأصل العقد إذا قبل الطرف الآخر
.)إذاً يمكن للزوج أن يزيد من مهر زوجته إذا كان كامل أهلية التصرف بتوفر
الشروط التالية :
1- أن تكون الزيادة في المهر معلومة
2- أن تكون الزيادة في المهر في حال قيام الزوجية بينهما حقيقة أو حكماً بأن لم تقع فرقة بينهما
3- أن ةتقبل الزوجة هذه الزيادة في المجلس الذي حصلت فيه وإذا كانت الزيادة
في مرض موت الزوج فإنها تأخذ حكم الوصية وقد اشترط القانون بأن يتم
التعديل بحضور القاضي حسب المادة 57 ( لا يعتد بأي زيادة أو أو إنقاص من
المهر أو ابراء منه إذا أثناء قيام الزوجية أو في عدة الطلاق وتعتبر باطلة
مالم تجرى أمام القاضي . ويلتحق أي من هذه التصرفات الجاري أمام القاضي
بأصل العقد إذا قبل به الزوج الآخر )
كذلك يمكن للزوجة إذا كانت كاملة الأهلية أن تبرأ زوجها من مهرها أو تنقص
منه ولا يشترط قبول الزوج بل يكفي منه عدم الرفض .ويشترط لذلك بأن لا يكون
المهر من الأعيان وبناء على ذلك يتعين أنه ليس لولي الزوجة سواء كانت صغيرة
أو كبيرة أن ينقص من مهرها . فإذا كانت كبيرة فلابد من إجازتها ورضاها فإن
رضيت كان تنازلاً منها لا من وليها .

امتياز ديون المهر :
جاء في المادة 54 ف3 من القانون السوري (يعتبر دين المرأة ديناًً ممتازاً
يأتي في الترتيب بعد دين النفقة المستحقة في ذمة المدين لأفراد أسرته
وأقاربه ).ف5 ( يعتبر كل دين يرد في وثائق الزواج أو الطلاق من الديون
الثابتة بالكتابة . ولا يعتبرالمهر المؤجل مستحق الأداء إلا بإنقضاء العدة
وفق ما يقرره القاضي في الوثيقة ) إذاً اعتبر القانون مهر المرأة من الديون
الممتازة سواء كان المهر مؤجلاً أم معجلاً .وبناء على ذلك إذا اجتمعت عدة
ديون مع دين المهر فإن المهر يقدم في الإستيفاء على غيره من الديون العادية
ضماناً لحق الزوجة . وكذلك جاء في المادة 60 فقرة ب ( لا تسري على المهر
المعجل أحكام التقادم ولو حرر بسند ما دامت الزوجية قائمة ) وذلك زيادة في
حرص المشرع على حفظ حق المرأة في المهر معتمداً بذلك رأي الشريعة الإسلامية
ومخالفاً المبادئ العامة في للتقادم في القانون . وزيادة على ذلك فقد جعل
المشرع دين المهر من الديون التي يترتب على عدم الإيفاء بها حبس المدين .
كما جاء في المادة رقم 46 من قانون أصول المحاكمات المدنية . ويمكن للقاضي
النظر في تقسيط المهر تيسيراً للزوج حسب ظروف الحال كما جاء في القرار رقم
587 /588 الصادر عن الغرفة الشرعية لمحكمة النقض تاريخ 2/12/ 71 ( للقاضي
النظر في تقسيط المهر وفق المادة 344 من القانون المدني ) .

ولاية قبض المهر :
جاء في المادة 60 من القانون ( آ- المهر حق الزوجة ولا تبرأذمة الزوج منه
إلا بدفعه إليها بالذات إن كانت كاملة الأهلية ما لم توكل في وثيقة العقد
وكيلاً خاصاً بقبضه ) فقد اشترط القانون الإذن الصريح من الزوجة أي لا بد
من توكيل لهذا القبض . ولا يشترط بالتوكيل أن يكون بوثيقة خاصة بل يكفي أن
ينص عليع في عقد الزواج بتوقيع الزوجة .ولا يحق لغير الأب والجد من
الأولياء قبض المهر للفتاة القاصر على اعتبار أنهو الاوصياء الوحيدون الذين
يجمعون بين ولاية المال والنفس وإذا انتقلت ولاية القاصرة إلى ولي آخر لا
بد ان يكون ولياً مالياً يتصرف بموجب وصاية من الأب .ولا تبرأذمة الزوج
تجاه الزوجة القاصر إذا دفع مهرها لغير الأب أو الجد أو الوصي على المال .
وللزوجة عند بلوغ سن الرشد أن تطالب الوصي على مالها بالمهر .

الإختلاف في المهر :
- الخلاف حول المهر والهدايا (بين الزوج والزوجة ) :
إذا أرسل الزوج إلى زوجته شيئاً من النقود أو الأطعمة أو الألبسة قبل
الدخول أو بعده . ولم يبين بأن هذه الأشياء من المهر أو الهدايا . ثم اختلف
الزوجان فيقدم كل من الزوجين بينة على ادعائه فمن أقام البينة كان الحكم
بجانبه . وإذا تساوت البينات رجحت بينة الزوجة وحكم لها بأن ما دفعه كان من
الهدايا . لأن بينة الزوجة هنا خلاف الظاهر والظاهر هنا بجانب الزوج لانه
من الطبيعي أن يسعى لوفاء ما في ذمته من مهر قبل التبرع بالهدايا .وإذا لم
يستطع أحد الزوجين إثبات ادعائه فمرد هذا الخلاف إلى العرف فما يجري به
العرف على أنه مهر فإنه كذلك مع يمين الزوج وما يجري به العرف على أنه
هدايا فإنه كذلك مع يمين الزوجة فإن كان العرف مشتركاً . أي يصح ما يكون ما
قدمه مهراً وهدية أو لم يكن هناك عرفاً فالقول قول الزوج مع يمينه فهو
أدرى بما دفع . وفي حال شراء الزوج بقيمة المهر أشياء جهازية وتقدمتها
للزوجة لا يتنافى ذلك مع ابراء ذمته من المهر . فقد جاء في القرار رقم
532/562 تاريخ 15/11/72 والصادر عن الغرفة الشرعية لمحكمة النقض (اقرار
الزوج في الدعوى بأنه اشترى بالمهر أشياء جهازية لا يتناقض مع ما جاء في صك
الزواج أن المهر مقبوض لأن المهر كما يصح أن يكون نقداً يصح أن يكون
جهازاً ) .

اختصاص الجهة لحل الخلاف القائم :
تختص المحاكم العادية بالنظر في الخلاف إذا كانت الأشياء المقدمة , لها صفة
الهدية التي تاخذ حكم الهبة . أما في حال كانت الأشياء المقدمة لها صفة
المهر فإن المحاكم الشرعية هي المختصة في النظر في الخلاف .وفي حال قدم
المهر جهازاً وحصل خلاف بين الخاطبين فعلاجه جاء بشيئ من التفصيل في قانون
الأحوال الشخصية بنص المادة 4 (1- إذا دفع الخاطب المهر نقدا ًواشترت
المرأة به جهازها ثم عدل الخاطب فللمرأة الخيار بين إعادة مثل النقد أو
تسليم الجهاز .2- إذا عدلت المرأة فعليها إعادة مثل المهر أو قيمته)

الخلاف حول الجهاز بين الزوجة ووالدها :
لايوجد نص في القانون السوري حول هذا الموضوع فلا بد في هذه الحالة من
الرجوع لأحكام المذهب الحنفي :إذا تبرع الأب بجهاز ابنته وكانت بالغة وهو
في حال الصحة أي ليس في مرض الموت يعتبر التبرع هبة ولا تتم الهبة للبنت
الكبيرة غلا بالقبض أما إذا كانت صغيرة فتعتبر الهبة صحيحة بمجرد شراء
الجهاز ولو بدون القبض ولا يجوز للواهب الرجوع عن هبة إذا كان هناك مانع من
موانع الرجوع التي منها القرابة المحرمية . فلا يجوز للأب الرجوع عن هبته
إلا أنه إذا أثبت الأب على أن شراءه للجهاز كان على سبيل العارية لإبنته
وأقام البينة على ذلك جاز له الرجوع أما إذا لم يكن هناك بينة فالعبرة
للعرف .أما ماذا يشمل الجهاز ؟ فقد بينه الأجتهاد الصادر عن الغرفة الشرعية
لمحكمة النقض برقم 677 تاريخ 24 / 4 /2000 (الجهاز يشمل جميع الأشياء التي
تحضرها الزوجة لدار الزوجية بدءاً من مناسبة الزواج وحتى لحظة مغادرتها
دار الزوجية آخر مرة . مهما كان مصدر تملكها سواء اشتريت من المهر أو غيره
وسواء جائتها هدية من الزوج أو من ذويهم أو من سواهم . – لا يوجد أي رابطة
بين معجل المهر وقيمة الأشياء الجهازية )

الخلاف على مهر اسر ومهر العلن :
قد يتفق الزوجان على مهر قليل في السر ومهر كبير في العلن لإشهاره امام
الناس . فلا عبرة لمهر العلن إذا كان الإتفاق بين الطرفين صريحاً على أنه
صوري ويطالب الزوج بمهر السر . أما إذا لم يكن الإتفاق صريحاً وعجز كل من
الطرفين عن غثبات دعواه فالقول قول الزوجةويلزم الزوج بدفع مهلر العلن لأنه
حصل بعد مهر السر فكان كالزيادة فيه .

هل يجوز فسخ الزواج لعدم دفع المهر؟ :
لايحق للزوجة بأن تطلب فسخ عقد النكاح إذا امتنع الزوج عن دفع المهر لأنه
يثبت في ذمته ديناً كبقية الديون مع امتيازه وهو ليس ركناً أو شرطاً لصحة
العقد لأن العقد متى تم مع الكفاءة ومهر المثل فقد تم لازماً لا يجوز فسخه
.ولكن للزوجة أن تمتنع عن الذهاب لبيت زوجها قبل الدخول حتى يدفع لها معجل
المهر . ولا تعتبر ناشزاً في هذه الحالة فإذا ذهبت قبل أن يدفع المهر لها
وحصل الدخول فيعتبر ذلك رضا منها بتأجيل المهر إلى حين اليسار أو حسب
الإتفاق .

المهر في شريعة اليهود :
اختلف حكم المهر بالنسبة للخطبة بين طوائف اليهود باختلاف اعتبار الخطبة من
قبلهم عقداً أم لا . ففي حين اعتبرت طائفة القرائين أن الخطبة عقداً فقد
عدت المهر ركناًمن أركان الخطبة لاتصح بدونه . بخلاف طائفة الربانيين
(الأوسع انتشاراً في فلسطين المحتلة ) الذين لم يعتبروا الخطبة عقداً ولذلك
صحت الخطبة عندهم بدون مهر . أما السامريين فلا وجود لخلاف يذكر حول المهر
نظراً لإنتشار زواج البدل عندهم ( من يريد الزواج يقدم للاسرة التي يريد
ان يتزوج منها انثى من اقربائه لتتزوج بذكر من هذه الأسرة ) نظراً لقلة عدد
الطائفة التي لا تتجاوز السبعمائة شخص . وقد أوجبت طائفة القرائين على من
يقوم بفسخ الخطبة أن يدفع تعويض لا يقل عن ثلث المهر وإذا لم يكن المهر
محدداً فإن المحكمة هي التي تحدد مقدار التعويض , ونلاحظ بأن طوائف
اليهودية وإن لم تتفق على المهر ركناً في الخطبة أم لا إلا أنها اتفقت على
كون المهر ركناً في عقد الزواج وفي . بحيث لابد لإنشاء عقد زواج صحيح من
تحديد المهر وأن يكون مسجلاً في نفس لأنه ركن على خلا ف الشريعة الإسلامية
والدين المسيحي . وفي حال تخلف المهر يكون العقد باطلاً وقد قسم اليهود
المهر إلى مؤجل ومعجل . فالمعجل يجب تحديده بالعقد ولا يجوز الدخول بالمرأة
قبل دفعه إليها إن كانت بالغة , أو لأبيها إن كانت قاصرة .
ولا يصح التنازل عن المهر للأنه ركن في العقد ولئلا تكون الزوجة في موضع
غير الشرعية . وتستحق المرأة المهر في احدى حالتي الطلاق أو وفاة الزوج
وكذللك يستحق ورثتها المهر إذا توفيت قبل زوجها . والراجح في الشريعة
اليهودية بأن المهر غير محدد وإنما تحدده الاعراف والإجتماعية حسب كل بلد
وعصر . ويشترط في المهر أن يكون مالاً متقوماً كما يجوز أن يكون منفعة
يقدمها الزوج لزوجته .

المهر عند المسيحيين :
لم يتعرض السيد المسيح في شؤون التشريع لشيء على الإطلاق إلا في موضوع
الزواج فقد خصه بالعناية . وبخصوص المهر في الزواج فغنه يمى عند المسيحيين
بالدوطة أو البائنة , وقد أخذت بها بعض الطوائف المسيحية كما لدى الروم
الأرثوذوكس فقد عرفوا البائنة على أنها كل ما يتفق على تقديمه من المرأة أو
أقربائها في سبيل الزواج . ولا يجوز لمن تعهد بالبائنة أن يتراجع عنها بعد
الزواج .
شروط نفاذ البائنة : يشترط لنفاذ البائنة : إقامة الزواج قانونياً – أن
يكون مقدم البائنة حر التصرف والإرادة – أن تكون البائنة مالاً مملوكاً .
- التصرف بالبائنة : لايمكن التصرف بهذه البائنة إلا بالإتفاق بين الرجل
والمرأة وإذا تسلم الزوج البائنة فتعتبر بيده أمانة عليه أن يحافظ عليها
وأن يستثمرها بالإتفاق مع الزوجة لمصلحة العائلة .وعند وجود خلاف بينهما
يتم استثمارها بترخيص من المحكمة الروحية .
- مصير البا ئنة بعد انحلال الزواج : تعاد البائنة إلى الزوجة في حا ل
انحلال الروابط الزوجية بعد المحاسبة على ما يكون قد أنفق منها لحساب
العائلة وإذا انفكت روابط الزوجية لسبب يعود للزوجة وكان هناك نسل للعائلة
فتعود البائنة للنسل ويتولى الوالد استثمارها حتى يبلغ الاولاد رشدهم فيأخذ
كل منهم ما يصيبه منها .وفي حال توفي المتعهد بالبائنة يتولى ورثته تقديم
البائنة مع ريعها . وفي حال حصول خلاف بين الزوجين في ملكية متاع البيت
فيما إذا كان بائنة أو هبة للزوجة وحدها من أحد أقاربها فإن العرف يكم ذلك
ما لم تقام البينة على خلاف ذلك .

المهر عند العرب في الجاهلية :
المهر عندهم هو المال الذي يقدمه الزوج إلى زوجته وهو عند عامة العرب ملك
خاص للأب يأخذ قسماً منه . يسمى الحلوان أو النافجة أي الزيادة في المال ,
فكان الرجل إذا خطبت ابنته قالوا له : هنيئاً إليك النافجة , أي هنيئاً لك
مايساق غليك من الإبل ليزيد في مالك , غير أن هذا الأمر كان مما يعاب عليه
عند السادة من العرب . ويغلب اسم السياق على المهر عند البدو لأنه كان
عبارة عن عدد من الإبل تساق إلى والد الزوجة . وكان الجاهليون يعتبرون
المهر فريضة لازمة لصحة عقد الزواج ودلالة على شرعيته , ولم يكن للمهر حد
معلوم فهو عند سادة الجاهلية من علامات الشرف لذلك كانوا يغالون في مهر
بناتهم .

المحامي قحطان الحاجي

منقول