3-عظيم الأجر والثواب في المحافظة على هذه الصلاة :

إن بمحافظتك على صلاة الفجر سوف تكون من اللذين بشرهم الرسول (ص) بالأجر والثواب كما سبق وأشرنا مسبقا إضافة إلى ما سوف نتطرق إليه فيما يلي:

إذ أن صلاة الفجر هي خير من الدنيا وما فيها وذلك مصداقا إلى قول الرسول (ص) " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ". كما أن وقت الفجر هو وقت بركة ومباركة في الرزق لقول الرسول (ص):"اللهم بارك لأمتي في بكورها ".

وقد ذكر الله عز وجل عمار المساجد فوصفهم بالإيمان النافع وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أمها الصلاة والزكاة، وبخشية الله التي هي أصل كل خير فقال أعز من قائل : " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " .سورة التوبة الآية 18.

وحضورك إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة إنما هو عمارة لبيوت الله ، والوصية لي ولك أمن نحافظ عليها على هذه الصلاة مع الجماعة لتكون لنا نورا وبرهانا يوم القيامة، ولا نكون كاللذين نسو أنفسهم حتى ضعف إيمانهم وقل ورعهم، وماتت غيرتهم، فلا يحرصون على حضور صلاة الفجر مع الجماعة ويتذرعون بحجج وأعذار واهية هي أهون من بيت العنكبوت، وهم بصنيعهم هذا قد آثروا واجب النفس وحب النوم على محاب الله ورسوله، قال تعالى : " قل إن كان آباؤكم أبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " ، سورة التوبة الآية 24.

أيها المسلم العزيز، ألا تحب أن تسعد ببشرى نبيك (ص) وهو يقول فيما أخرجه الترمذي وأبو داوود وابن ماجة عن أنس (ض) قال : " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة "، وهذا النور يكون على قدر الظلمة فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعم ضياءه يوم القيامة ، قال تعالى : " يوم ترى المومنين والمومنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم " ، سورة الحديد .

وبالإضافة إلى النور التام لمن حافظ على هذه الصلاة هناك كسب آخر، ولكنه ليس كسبا دنيويا بل هو أرفع وأسمى من ذلك وهو الغاية التي يشمر لها المسلمون والمؤمنون، ويتعبد من اجلها العابدون، إنها الجنة ، وأي تجارة رابحة كالجنة، قال (ص) : " من صلى البردين دخل الجنة " ، أخرجه مسلم، وهنا المقصود بالبردين هما صلاة الصبح وصلاة العصر،فيا له من أجر عظيم أن تدخل الجنة بسبب محافظتك على هاتين الصلاتين،والنجاة من النار لقوله (ص): " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها "، رواه مسلم.ولكن إذا أردت أن تعلم هذا فاقرأ كتاب ربك وتدبر وتفهم ما فيه فالوصف لا يحيط بما فيها، قال تعالى : " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " ، السجدة الآية 17.

وليس هذا وحسب بل هناك ماهو أعلى من ذلك كله وهو لذة النظر إلى وجه الله الكريم، فقد ثبت في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله (ض) قال: " كنا عند النبي (ص) ، فنظر إلى القمر ليلة- يعني البدر- فقال: إنكم سترؤن ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ: 'وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها '.". وقال العلماء بأن الصلاة أفضل الطاعات فناسب أن يجازى المحافظ عليها بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى.

أيها المسلم العزيز، هل تعرف لماذا يقول المؤذن " الصلاة خير من النوم "، هل تدري لماذا؟لأن النوم راحة للبدن والصلاة راحة للنفس، لأن النوم موت والصلاة حيات، لأن النوم استجابة لنداء النفس والصلاة استجابة لنداء الله تعالى، فأنت تقدم نداء الله تعالى على نداء نفسك، لأن النوم يشترك معك فيه جميع المخلوقات من الطيور في السماء إلى الأسماك في المحيطات، أما الصلاة فلا يقوم لها إلا مؤمن خاشع خاضع لأمر ربه وراض بما كتب له الله تعالى.