ثروة عائلة الرئيس مبارك، حجمها، مصدرها السبت, 05/02/2011 - 07:43 GMT
تشير
التقديرات إلى أن ثروة عائلة الرئيس المصري تقل فقط بنحو 14 مليار دولار
عن حجم ثروة أغنى أغنياء العالم. فما مدى مصداقية هذه التقديرات، وإذا صدقت
فمن أين لعائلة مبارك هذه الثروة؟ والسؤال الأهم أين توجد وما مصيرها؟
حينما
تولى الرئيس المصري محمد حسني مبارك السلطة في أوائل الثمانينيات من القرن
الماضي كان يفضل أن تصفه وسائل الإعلام برئيس الفقراء. لكن الأحداث
الأخيرة سلطت الضوء على ثروة عائلته التي تقدرها بعض المصادر الصحفية بما
يفوق 40 مليار دولار. وإذا صدق ذلك فقد تكون عائلة الرئيس المصري من أغنى
العائلات في العالم، حيث تصل ثروة أغنى أغنياء العالم إلى 54 مليار دولار
حسب القائمة السنوية لمجلة فوربس الأميركية. لكن، وبصرف النظر عن الرقم
الحقيقي، يبقى السؤال كيف جمعت عائلة مبارك ثروتها؟
"رئيس دولة يستطيع جمع مليار إلى ملياري دورلا سنويا"
الدكتور
عمر كامل الباحث في العلوم السياسية في جامعة لايبزغ الألمانية يتذكر، في
حديث مع دويتشة فيله، صورا بثها التلفزيون المصري تعود لسنوات الحكم الأولى
لحسني مبارك، كانت قد أخذت له وهو عائد إلى القاهرة بعد سفرية إلى الخارج،
حيث اشترى جهاز تلفاز جديد، وأصر على دفع الرسوم الجمركية رغم كونه يحصل
على راتب ضعيف لا يسمح بدفع مثل هذه المبالغ العالية من الضرائب، حسب ما
نقلته الصور وما يتذكره الدكتور عمر كامل.
لكن
مع مرور السنوات أسدل مبارك وعائلته الستار على ممتلكاتهم. فهم يعيشون حسب
المصادر الرسمية في القصر الرئاسي، كما أنه لا توجد معطيات رسمية دقيقة
حول ثروة الرئيس المصري وزوجته سوزان مبارك وإبنيهما جمال وعلاء خلال سنوات
حكم مبارك الثلاثين. ويعود ذلك حسب تقدير الخبير المصري أحمد النجار لكون
جزء كبير من ثروة عائلة مبارك تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة. وحسب نظره
يمكن قياس هذه الثروة من خلال حجم الصفقات والعمليات التي يشارك فيها مبارك
وعائلته، مثل شراء ديون مصر والأمور المتعلقة بشراء الأراضي وبعض الأمور
الأخرى المتعلقة ببرنامج الخصخصة، "لكن يبقى من الصعب تقديم تقديرات دقيقة
لحجم ثروة العائلة"، كما يقول النجار.
لكن
رقم 40 مليار دولار قد يكون صحيحا، كما يتوقع دانييل تيليسكلاف مدير معهد
بازل السويسري للحوكمة، وعضو مجلس إدارة منظمة الشفافية الدولية. دانييل
تيليسكلاف يبني تقديراته لحجم ثروة عائلة مبارك من خلال الإستدلال بحجم
ثروة الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا الذي استطاع خلال فترة حكمه
القصيرة من 1993 إلى عام 1998 "من جمع ثروة بلغت ما بين خمسة إلى ستة
مليارات دولار. لذا لا استبعد أن يكون في مقدرة رئيس ما أن يجمع مليار
دولار في السنة أو أكثر".
من أين له هذا؟
من
أسهل الطرق التي حصل من خلالها أبناء مبارك على الثروة هو شراء الأراضي
التي كانت مخصصة للجيش بأثمان رخيصة للغاية، كما يقول الدكتور عمر كامل.
وخير مثال على ذلك هي المنطقة القريبة من مدينة الإسماعيلية، "والتي كان
يعرفها المصريون كصحراء قاحلة، تحولت الآن إلى منطقة اقتصادية مهمة، كما أن
أسعار الأراضي في هذه المنطقة ارتفعت بشكل مهول للغاية"، كما يوضح كامل في
حديثه لموقعنا.
ومن
جهة أخرى يؤكد الخبير الإقتصادي أحمد النجار، الذي حدثنا خلال تواجده مع
المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة، أن ثروة جمال مبارك جمعت من خلال
شراء لسندات من ديون مصر في ثمانينيات القرن الماضي. الصفقة التي قدمها
الرئيس مبارك آنذاك وكأنها تضحية للوطن، لكون مصر لم يكن في مقدورها دفع
مديونيتها، حسب قول أحمد النجار. فديون مصر كانت تباع آنذاك في الأسواق
الدولية بـ 35% من قيمتها الأصلية، وفقا للنجار؛ "حينها اشترى جمال مبارك
هذه القيم المالية لأنه كان متأكدا من الحصول على 100% من الحكومة، مستغلا
في ذلك النفوذ السياسي لوالده. هذه القيم وحدها تخلق جبال من الثروات".
أين هي ثروة عائلة مبارك؟
وحسب
تقارير إعلامية يوجد الجزء الأكبر من ثروة عائلة مبارك خارج البلاد.
ويتوقع الخبراء أن تكون سويسرا البلد الذي أدخل إليه أفراد عائلة مبارك
أكبر حصة من المبالغ المالية التي يملكونها، خاصة في بنكي يو بس إس وكريديت
سويس. لكن هذه المبالغ لا تتجاوزمبلغ 3.8 مليار دولار، وهو المبلغ الذي
يملكه أشخاص مصريي الجنسية في مصارف سويسرية، حسبما نشره البنك المركزي
السويسري نهاية العام 2009. وقد رفضت كل من المؤسستين المالييتين يو بس إس
وكريديت سويس إعطاء أي معلومات حول حجم الحسابات الخاصة بعائلة مبارك
لديها. من جهة أخرى يتوقع مراقبون أن يكون أبناء مبارك وزوجته سوزان يملكون
ثروات هائلة في بريطانيا لكونهم يحملون جوازات سفر بريطانية.
ما مصير ثروة مبارك؟
ويكاد
يجمع الخبراء على أن مصير ثروة الرئيس المصري حسني مبارك مرتبط بشكل مباشر
بمدى بقائه في السلطة من عدمه. فمادام مبارك رئيسا فإنه لا توجد إمكانية
لتجميد ممتلكاته الموجودة خارج مصر أو مصادرة الموجود منها داخل البلاد.
الإمكانية الوحيدة المتاحة ـ وفقا دانييل تيليسكلاف مدير معهد بازل
السويسري للحوكمة ـ هي أن البنوك الخاصة يمكنها تجميد حساب ما "إذا توفرت
لديها شكوك في عدم شرعية اكتساب هذه المبالغ". لكن ـ والكلام مازال
تيليسكلاف ـ فإن هذا الأمر يبقى صعبا بالنسبة للحكومات، ما دام مبارك في
الحكم، لكون حكومته لم تفقد الإعتراف الدولي بها بعد.
ويؤكد
الخبير الألماني أن ثروة عائلة مبارك لا يمكن مصادرتها بشكل رسمي إلا إذا
قامت حكومة مصرية جديدة بفتح تحقيق قضائي وتقديم أدلة على كون هذه الثروة
قد تم الحصول عليها بطرق غير شرعية.
*خالد الكوطيط/ ماركو مولر- دويتشة فيله [/right]