حقيقة العلاقة بين الولايات المتحدة والبلطجية الجمعة, 04/02/2011 - 13:40 GMT
منحت
عصابات البلطجة التابعة لنظام مبارك، التي استخدمها لترويع المصريين
المطالبين بتنحيته ورحيله، وخصوصاً في ميدان التحرير بالقاهرة، منحت العالم
فرصة نادرة لمعرفة حقيقة هذا النظام البلطجي، والتعرف على أساليب القمع
الدموية التي يستخدمها لتخريب الانتخابات وتزويرها، ومنع المواطنين من
ترشيح أنفسهم للانتخابات والمشاركة فيها.
فقد
برهنت هذه العصابات أن نظام مبارك يعتمد على المرتزقة من الأراذل
والأوغاد، وعلى المتاجرين بمصر وشعبها ممن لا تهمهم مصر ولا الأمة العربية،
وإنما تهمهم كروشهم وأرصدتهم في البنوك، وهم على استعداد لذبح الشعب وحرق
مصر من أجل الإبقاء على أبواب نهب ثرواتها مفتوحة أمامهم على مصارعها.
حق
لنا أن نسمي هذا النظام المتهاوي بالطَّغام، لهمجيته واستبداده وفساده،
ولاعتماده على عصابات البلطجة واللصوص، التي تذكرنا بفرق الموت وعصابات
الإجرام التي شكلها محمد دحلان، بتمويل وتسليح وتوجيه أميركي، لترويع
المواطنين الفلسطينيين، ولنشر الفوضى والفلتان، وإنجاز الأجندة
الصهيوأميركية في قطاع غزة والضفة الغربية. لا فرق من حيث المهام والبلطجة
والفلتان بين الأمن المركزي والشرطة السرية المصرية، والأمن الوقائي
الفلسطيني، والبوليس السري الروماني، والسافاك الإيراني في الزمن الشاه،
والبوليس السياسي التونسي، وأجهزة المخابرات والاستخبارات العربية... كلها
في البلطجة صنوان، ومهمتها جميعاً قمع الشعب واضطهاده، والمحافظة على
النظام المستبد والفاسد.
عندما
شاهدت على الشاشة الخيول والجمال وهي تصول في ميدان التحرير وتروع
المطالبين بخلع نظام مبارك، تبادر إلى مخيلتي اسم جمال مبارك، الذي ذكرت
التقارير أنه يقف إلى جانب رجال الإعمال اللصوص والبرلمانيين الفاسدين وراء
عصابات البلطجة، وعندها تذكرت محمد دحلان وفرق الموت التي روعت المواطنين
وسفكت دماءهم واعتدت على الممتلكات الخاصة والعامة. هؤلاء الطغام جميعاً
يحاربون الأحرار والشرفاء من أبناء شعوبهم بشراسة من أجل البقاء في السلطة،
ليستبدوا ويفسدوا ويقتلوا ويسرقوا، ولينفذوا أوامر الأميركيين، وخصوصاً
تلك التي تتعلق بحماية أمن الكيان الصهيوني ومستقبله.
ولا
يقبلون أبداً أية عملية سياسية تؤدي إلى نزع السلطة منهم، حتى وإن تم ذلك
عبر صناديق الاقتراع. وحتى تستمر الولايات المتحدة في دعم هؤلاء الطغام،
فإنهم يستخدمون الإسلاميين فزاعة، ويزعمون أنهم يعملون لمصالح الغرب
والولايات المتحدة، ولكنهم في الحقيقة يدمرون بهمجيتهم وبلطجيتهم هذه
المصالح على الأمد البعيد، وما تشهده تونس ومصر من أحداث تاريخية اليوم،
وربما غداً في دول عربية أخرى، تؤكد أن النفوذ الأميركي والغربي في منطقتنا
العربية بدأ يتضعضع بوتيرة سريعة وفجائية.
المتابع
لتطورات أحداث الانتفاضة المصرية يدرك أن الولايات المتحدة قد يئست من
نظام مبارك، وأنها تحاول الآن إقناعه بالرحيل، لفتح الطريق أمام رجل أميركا
في مصر، وهو عمر سليمان، لكي ينفذ انتقالاً سلساً للسلطة، مجرياً تغييرات
شكلية على النظام المصري، ومبقياً على جوهره من حيث علاقته بالولايات
المتحدة والكيان الصهيوني كما هو. موقف مبارك من المطلب الأميركي يلخص قصة
العلاقة بين النظام المصري المتساقط وبين الولايات المتحدة.
فقد
لوح مبارك لها بفزاعة الإسلاميين، زاعماً أن جماعة الإخوان المسلمين
ستستولي على السلطة إذا رحل، محاولاً إقناع البيت الأبيض بتركه يبقى
مهيمناً على السلطة لعدة أشهر أخرى، وذلك حتى ينتقم من الشعب المصري الرافض
له، وحتى يمهد الطريق أمام تشكيل نظام جديد يدين له بالتبعية والولاء، أو
حتى توريث السلطة نجله البلطجي جمال مبارك.
هذه
هي حقيقة علاقة الولايات المتحدة بالبلطجية في منطقتنا، إنها علاقة قذرة
تكشف الوجه المقزز للولايات المتحدة، وتكشف دورها القذر في انتهاك كرامة
العرب، وإهدار إنسانيتهم، ونهب ثرواتهم وخيراتهم، وتدمير حضارتهم.
*ا.د. محمد إسحاق الريفي - أستاذ بالجامعة الإسلامية بغزة [/right]