أحمد إسماعيل إسماعيل
من مواليد قامشلي صيف 1961
عضو جمعية المسرح في اتحاد الكتاب – دمشق
نشر العديد من القصص والمسرحيات والدراسات المسرحية في دوريات عربية وكردية
قُدمت بعض مسرحياته في عروض مسرحية عديدة
نال العديد من الجوائز الأدبية في مجالي القصة والمسرح ومن أهمها :
جائزة الشارقة للإبداع – الإمارات العربية المتحدة –عن مجموعته القصصية رقصة العاشق سنة 2000
جائزة ثقافة الطفل العربي – الإمارات العربية المتحدة – أبو ظبي – عن مسرحيته الحقل المنيع سنة 2001
صدر له :
مسرحنا المأمول –دراسات مسرحية – سنة 1997
عندما يغني شمدينو – 3 مسرحيات – سنة 1999
توبة الثعلب – مسرحيات للأطفال – سنة 2000
رقصة العاشق – مجموعة قصصية – سنة 2001
أحلام الحمار الكسول” مسرحية للأطفال : أحمد إسماعيل إسماعيل
الوقت نهار، منظر عشب وأشجار، يظهر الحمار وهو جالس بصمت تحت ظل شجرة توت؛ خارج سور البستان، يدخل الخروف، ينادي الحمار مرات عديدة، الحمار لا
يرد، يقترب الخروف من الحمار، يصيح في أذنه بقوة، الحمار يجفل)..
الخروف: ماذا أصابك يا صديقي؟ لماذا لا ترد علي؟
الحمار: لم أسمعك.
الخروف: غريب! كيف لم تسمعني؟ الغابة كلها سمعت صوتي وأنا أنادي أيها الحمار..أيها الحمار.
الحمار: لكنني لست الحمار.
الخروف: (باستغراب) ماذا قلت يا.. أنت لست الحمار؟!
الحمار: نعم.
الخروف: غريب!(يتأمله بسخرية) هاتان الأذنان أذنا حمار، وهذه الحوافر حوافر حمار، وهذا الذَنَب ذنَب حمار.. وهذه الرأس رأس حمار مئة بالمئة.
فمن تكون إذاً؟
الحمار: أنا، أنا كلب.
الخروف: (يضحك) كلب؟! هيا.. هيا إلى البستان أيها.. الكلب. فوجودنا هنا –خارج السور- خطر على حياتينا يا صديقي الكلب.
الحمار: لن أعود إلى البستان.
الخروف: لماذا؟ هل صدقت أنك كلب فعلاً؟ كف عن المزاح يا صديقي.
الحمار: إني جاد أيها الخروف.
الخروف: غريب. ما هذا الكلام يا صديقي؟!
الحمار: لماذا الاستغراب؟ حياة الكلب أفضل من حياتي، لا أحد يطلب منه أن يعمل، أما أنا فالجميع يطلب مني العمل صباح مساء.
الخروف: الكلب أيضاً يعمل مثل الجميع، وعمله الحراسة.
الحمار: بل عمله النباح، يأكل وينام ويلهو كما يحلو له مقابل أن ينبح (يحاول النباح، فينهق) هكذا. إنه عمل سهل ومريح كما ترى.
الخروف: إنك مخطئ يا صديقي، هل نسيت خطورة عمل الكلب؟
الحمار: (بتردد) لا، لكن.. (يصمت)
الخروف: لكن ماذا؟
الحمار: لكن أريد أن أكون أي شيء ، أي شيء، إلا أن أكون الحمار، أنا لا أحب عملي، بل لا أحب العمل أبداً. آه كم أحب أن أكون حراً. آكل وأنام وألهو كما
يحلو لي.
الخروف: (بسخرية) ولِمَ لا تكون الذئب؟
الحمار: ( بسرور) أوه. لقد أصبت، لِمَ لا أكون الذئب؟ الذئب قوي. ويهابه الجميع (يحاول العواء، فينهق) (تزوغ نظراته، الخروف يقلد عواء
الذئب، الحمار يتلفت حوله بخوف)
الخروف: ( بسخرية) هس.
الحمار: ماذا؟
الخروف: لا ترفع صوتك، إنه خلفك.
الحمار: من؟
الخروف: الذئب.
الحمار: الذئب؟!
الخروف: سِرْ بهدوء.
(الحمار يخطو بهدوء وخوف..)
تقدم بهدوء أكثر، هيا يا صديقي! إنه خلفك. اركض أيها الحمار (الحمار ينطلق هارباً) اركض أكثر. لقد وصل إليك. سيفترسك. انطلق صوب
البستان. اركض، اركض. (يضحك بسخرية.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الثعلب خلف السور وهو يسترق النظر إلى داخل البستان)
الثعلب: (لنفسه) آه ما أجمل هذه البطة! بل ما ألذها، ما هذا؟ ما هذا الديك السمين؟! يا لها من وجبة دسمة. وهذه الدجاجات اللواتي يسرن خلفه
كالجنود.. وهذه الحمامات الجميلات اللذيذات. يا إلهي ماذا أرى؟ إنها وليمة، وليمة حقيقية، بل ولائم.. ولائم دسمة وشهية (بخيبة) لكن كيف الوصول
إليها؟ كيف يمكنني التسلل إلى البستان. أف. اللعنة على هذا السور، وعلى الكلاب، وعلى صاحب البستان (يعوي)
(يتغير المنظر، يظهر الأرنب والخروف والديك وهم يعملون ويغنون. يصمت الديك فجأة. يلتفت حوله باستغراب)
الديك: غريب!!
الأرنب: ما هو الغريب أيها الديك؟!
الديك: أين الحمار؟ لم أره منذ الصباح.
الخروف: لا بد أنه نائم الآن.
الديك: نائم حتى هذا الوقت؟!متى سيستيقظ؟
الخروف: عندما ينتهي حلمه يا صديقي.
الديك: عندما ينتهي حلمه؟! ماذا يعني هذا؟
الأرنب: (بسخرية) يعني أن الحمار لن يستيقظ أبداً.
(يضحك الأرنب والخروف بسخرية..)
الديك: لن يستيقظ ؟! لم أفهم.!(الخروف والأرنب يضحكان ) أريد أن أفهم الآن، وحالاً.
(يتغير المنظر، يظهر الحمار وهو واقف بغرور، يسير بثقة يؤدي حركات عنيفة، يقاتل عدواً وهمياً، يعوي كالذئب. يكرر العواء مرات عديدة، يردد الصدى عواءه.
يصمت، يتلفت حوله باستغراب وخوف. يعوي بصوت خافت، يسمع صوت عواء، ينسحب بهدوء.. ثم يركض خائفاً).
(يتغير المنظر، يظهر الديك فوق مرتفع، يدخل الأرنب وهو مضطرب).
الأرنب: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد..)
قلت: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد)
هل أصابك الصمم أيها الديك؟
الديك: لا.
الأرنب: لماذا لا تجيب ؟ هل شاهدت الحمار؟
الديك: لن أجيبك قبل أن أسمع منك التحية والسلام.
الأرنب: (بضيق وسخرية) أعتقد يا صاحبي الفهمان أننا لن نجد السلام ما لم نجد الحمار.
الديك: ماذا؟! هل أصبح السلام بيد الحمار؟
الأرنب: نعم.
الديك: أتقول نعم ؟! كيف؟
الأرنب: لقد أغضب الحمار صاحب البستان، وأنت تعرف ماذا يعني غضب صاحب البستان؟
الديك: نعم، لكن ماذا فعل الحمار؟ لا بد أنه رفسه. أليس كذلك؟
الأرنب: لا، لم يرفسه. هل رأيته؟
الديك: لاشك أنه رفس ابن صاحب البستان، ذلك الولد الشقي الذي لا يكف عن مضايقتي صباح مساء.
الأرنب: لا لم يرفس ابن صاحب البستان. هل رأيته؟
الديك: غريب (يروح ويجيء وهو يفكر) آه وجدته.
الأرنب: عظيم. أين هو؟
الديك: (يشير إلى رأسه) هنا.
الأرنب: ماذا يفعل الحمار في رأسك؟!
الديك: لم أجد الحمار في رأسي يا صديقي. بل وجدت السبب. السبب الذي أغضب صاحب البستان: اسمع يا صديقي.
الأرنب: (بضيق) بل اسمع أنت أيها الصديق الثرثار.لقد غضب صاحب البستان من الحمار، لأن صاحبنا المحترم والنشيط لم ينقل الفاكهة فجر هذا اليوم إلى
المدينة.
الديك: لماذا؟
الأرنب: لا أعرف. لا أحد يعرف لماذا.
الديك: لماذا لا تعرف؟
الأرنب: (بغضب) لأن الحمار لم يظهر حتى الآن. فهل وجدته أيها الحمار؟ أقصد أيها الديك.
الديك: لا.
الأرنب: لا؟ لماذا لم تقل ذلك منذ البداية؟ أف (لنفسه) أين اختفى؟ (ينادي الحمار) لماذا أنت صامت؟ نادِ الحمار.
الديك: لا أستطيع.
الأرنب: لماذا؟
الديك: ألا تعرف؟
الأرنب: آه. تذكرت. سأبحث عنه بنفسي وإلا..
(ينادي الحمار.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الخروف وهو يعمل، يدخل الأرنب)
الأرنب: ماذا تعمل يا صديقي؟
الخروف: كما ترى.
الأرنب: ألا تملَّ من العمل؟ ألا تتعب يا صديقي؟
الخروف: بل أتعب وأملُّ حين لا أجد عملاً أقوم به. ما بك يا صديقي؟ أراك قلقاً.
الأرنب: صاحب البستان يا صديقي. إنه غاضب جداً.
الخروف: لماذا؟
الأرنب: لأن الحمار لم ينقل الفاكهة إلى المدينة هذا الصباح.
الخروف: وأين الحمار؟
الأرنب: إني أبحث عنه منذ الصباح.
الخروف: (يفكر) لابد أنه هناك.
الأرنب: أين؟
الخروف: تحت شجرة التوت الأحمر.
الأرنب: خارج السور؟!
الخروف: نعم. لقد اعتاد ارتياد هذا المكان منذ زمن بعيد.
الأرنب: إنه مكان خطر. كيف يغادر الحمار البستان؟
الخروف: لا تخف يا صديقي. الحمار لم يعد حماراً.
الأرنب: كيف؟!
الخروف: لقد صار ذئباً.
الأرنب: الحمار؟!
(الخروف يضحك..)
(يتغير المنظر. يظهر الحمار وهو يؤدي بعض الحركات الغريبة. يهاجم عدوا وهمياً. يسير بكبرياء وغضب. ينهق)
الحمار: (لنفسه) وأخيراً أنا ملك الغابة. (يحاول الزئير. ينهق. يسمع أصواتاً تناديه. يصمت) اللعنة. (يفكر) لكنني لست الحمار. أنا
الملك الذي سيغير هذه الغابة. لكن كيف، كيف ستغيرها أيها الأسد العظيم؟ (ينهق. تزوغ نظراته..)
(يتغير المنظر. يظهر الأصدقاء وهم يعملون داخل البستان بسعادة..)
الأرنب: (للخروف) انظر إلى الحمار، إنه يعمل كسيد.
الخروف: وهل الحمار غير ذلك.
الأرنب: الحمار؟!
(يتقدم الديك، يهمس في أذن الخروف)
الديك: ما قصة صاحبنا الحمار؟ إنه يتصرف كملك.
الخروف: قد يصير الحمار ملكاً.
الديك: الحمار؟!
الخروف: نعم. هل تريد التأكد من ذلك.
الديك: كف عن السخرية أيها الخروف.
الخروف: اسمع إذن. (ينادي الخروف الحمار) أيها الحمار. أيها الحمار. (الحمار لا يرد.. يتبادل الأصدقاء نظرات الاستغراب) أيها الذئب، أيها
الملك.
(الحمار يقف.ينظر إلى الخروف بسرور. يتبادل الجميع نظرات الاستغراب، يضحكون).
(يتغير المنظر، المشهد يجسد حلم الحمار، حيث يظهر متربعاً على عرش و أمامه الوزراء وهم الديك والأرنب والخروف) و إلى جانبه يقف كل من الذئب
والثعلب..)
الحمار: يا وزير الراحة والبطالة.
الخروف: أمر مولاي.
الحمار: هل الرعية مرتاحة؟
الخروف: نعم يا مولاي.
الحمار: اسمع أيها الوزير. لا أريد في مملكتي راكباً أو مركوباً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا حاملاً ولا محمولاً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا عاملاً ولا صاحب بستان.
الخروف: أمرك يا مولاي. إننا ننفذ شعاركم الحكيم: الراحة أولاً وأخيراً.
الجميع: عاش مولانا الحكيم.
الحمار: وماذا أعد وزير الأفراح لحفل تتويجنا؟
الديك: فقرات فنية رائعة يا مولاي.
الحمار: عظيم. أريد مشاهدة فقرة واحدة منها.
الديك: أمر مولاي.
(يشير الديك إلى مجموعة من الراقصين. يرقصون رقصة غريبة، يشترك الديك والأصدقاء في الرقصة.يومئ الحمار إليهم، فيتوقفون عن الحركة).
الحمار: (يصفق) رائع. ما اسم هذه الرقصة الجميلة يا وزيرنا؟
الديك: إنها رقصة ذيل الحمار يا مولاي.
الحمار: لا بأس.
الديك: ولدينا سمفونية النهيق الخالد يا مولاي. هل تريد سماعها؟
الحمار: لاشك أنك تقصد سمفونية الزئير الخالد.
الديك: نعم يا مولاي.
الحمار: حسن. سنسمعها في حفل التتويج.
الجميع: عاش مولانا السعيد.
الحمار: ماذا جهزت من طعام وشراب يا وزيرَ أطايبِ الطعام؟
الأرنب: (بخوف وتردد) لا، لاشيء يا مولاي. أقصد..
الحمار: (بغضب) ماذا تقول أيها الغبي الكسول؟
الأرنب: المعذرة يا مولاي. المغفرة يا مولاي. أنا..
الحمار: أيها النؤوم الخمول. يجب أن تعاقب (يحمحم..)
(يرتجف الجميع خوفاً. يهربون. الثعلب والذئب يركعان تحت قوائم الحمار. يدلكانها..) أيها الأحمقان.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
الحمار: أنا.. أنا حزين.
الثعلب والذئب: حاضر يا مولانا.
(يرقصان. بعد لحظات يرفع الحمار يده. يأمرهم بالكف عن الرقص. فيطيعان)
الحمار: قلت: أنا حزين.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
(يغنيان. يحس بالانزعاج، يأمرهم بالكف عن الغناء)
الحمار: أريد أن أضحك أيها الغبيان، أن أضحك لا أن أسمع أصواتاً منكرة.
(يتبادل الثعلب والذئب النظرات. يقتربان منه، يدغدغانه، الحمار يبدأ بالضحك والقهقهة) ( يتغير المنظر. يشاهد الحمار وهو نائم. يدخل الثعلب، يقترب
منه بحذر، الحمار يتمتم).
الحمار: ما هذه الأنامل الرقيقة أيها الثعلب اللطيف (الثعلب يتراجع باستغراب) كفى. كفى دغدغة أيها الذئب المهذب.. (ُتسمع أصوات تنادي الحمار،
يتوارى الثعلب خلف تلة، يدخل الأصدقاء، الحمار يقهقه بسرور وهو نائم)
الأرنب: وأخيراً وجدتك أيها الكسول.
الديك: إنه يقهقه وهو نائم.
الخروف: لا شك أنه الآن ينعم في أحلام وردية.
الحمار: (يتمتم) كف عن الدغدغة أيها الثعلب اللطيف.
الجميع: ماذا؟!
الحمار: (يتمتم)سلمت يداك أيها الذئب المهذب، أنت خير من يدلك جسدي.
(يتبادل الجميع نظرات الدهشة)
الديك: (بهلع) الذئب. الذئب سيفترس الحمار يا أصدقاء.
الخروف: الحمار يحلم أيها الديك.
الديك: ألم تسمعه ماذا قال؟ الذئب قريب منه.يجب أن ننقذه.
الخروف: ماذا حدث لك أيها الحمار؟ كف عن الثرثرة.
الديك: الحمار؟! أنا لست الحمار، هذا هو الحمار..
الخروف: أقصد أيها الديك. الحمار نائم أيها الديك.
الديك: أعرف، لكن يجب أن ننقذه، سأنقذه بنفسي.
(ينقر الديك الحمار.. الحمار يتململ بإنزعاج)
أيها الحمار. أيها الحمار. استيقظ يا صديقي.
الحمار: (يستيقظ) من؟ ما هذا؟! أين ..
(ينادي) أيها الحاجبان، أيها الحاجبان. اقبضا على هذا الوزير الغبي.
(الديك يتلفت حوله بخوف. الأرنب والخروف يتبادلان نظرات الاستغراب والسخرية. يضحكان)
الخروف: هذه طرفة جديدة. الديك أصبح وزيراً.
الأرنب: إنه أخف وزير ستعرفه الغابة.
الخروف: وأكثر وزير قدرة على الطيران.(يضحكان).
الحمار: كفا عن الضحك أيها الوزيران الغبيان.
الخروف والأرنب: نحن أيضاً؟!
الخروف: ومن تكون أنت؟
الحمار: أنا الملك أيها الغبيان.
الأصدقاء: الملك؟!(يضحكون).
الحمار: (بغضب) أين ذهب الحاجبان.(ينادي) أيها الحاجبان.
الأرنب: من هما حاجباك أيها الملك؟
الخروف: لا بد أن يكون الكلب أحدهما؟
الديك: أو النمر أو الفيل.(يضحكون..)
الحمار: لا، إنهما الذئب والثعلب أيها الأغبياء .
الأصدقاء: من؟!!
الخروف: عاش مولانا الملك.
الأرنب والديك: عاش.
الخروف:عاشت أذنا الملك.
الأرنب والديك: عاشت.
الخروف: عاش رأس الملك الجميل.
الأرنب والديك:عاش. عاش.(يضحكون..)
الحمار: لماذا تضحكون ؟!
(يهاجمهم، يهربون وهم يضحكون، يدخل الثعلب)
الثعلب: هكذا إذاً أيها الحمار.. عفواً أيها الملك.أنا حاجبك إذاً؟ والذئب أيضاً حاجبك؟(يضحك) أمرك يا مولاي الحمار.(يضحك. يخرج..)
(يتغير المنظر، يظهر الديك وهو يعمل ويغني، يدخل الحمار)
الحمار: ماذا تفعل يا صديقي؟
الديك: إني أنظف القن.
(الحمار يضحك بسخرية)
الديك: لماذا تضحك يا صديقي؟
الحمار: تنظيف القن هو عمل الدجاجات أيها الديك.
الديك: نعم.وواجبي مساعدتهن يا صديقي.
هل نظفت حظيرتك؟
الحمار: لا.
الديك: لماذا ؟ الشتاء قادم يا صديقي. ولن تستطيع تنظيفها والمطر يهطل.
الحمار: لا يهم.
الديك: لا يهم؟!
(يخرج الحمار، يعود الديك إلى عمله وهو يغني..)
(يتغير المنظر. يظهر الذئب والثعلب..)
الذئب: الحمار صار ملكاً؟!
الثعلب: نعم.
الذئب: ماذا تقول أيها الثعلب؟!
الثعلب: أقول الحقيقة يا صديقي.
الذئب: ماذا حل بملك الغابة حتى يصير الحمار ملكاً؟
الثعلب: لا أعرف. (يضحك)
تذكرت أمراً. لقد عينك الحمارحاجباً لديه
الذئب: أنا حاجب الحمار؟!
الثعلب: نعم. تدغدغه وتدلك جسده يومياً.
الذئب: أنا؟!
الثعلب: نعم. لا تنس هذا يا صديقي، ويومياً.
(يضحك.الذئب يمسك بخناق الثعلب غاضباً وهو يعوي)
الذئب: قل لي ما الحكاية وإلا..
الثعلب: (بخوف) حاضر. سأقول يا صديقي سأقول..
(يتغير المنظر. يظهر الديك، تسمع أصوات تنادي الحمار. الديك يتلفت باستغراب)
الديك: (لنفسه) لم نعد نسمع غير هذا النداء يتكرر كل يوم.ما حكاية هذا الحمار؟ أين يختفي؟ هل ضاع هذه المرة؟
أف منك أيها الحمار الكسول.(يتكرر النداء، يعلو..)
(يتغير المنظر، يظهر الحمار نائماً تحت شجرة التوت، يدخل الذئب والثعلب بهدوء وحذر. يضعان على رأس الحمار تاجاً من الورد وأوراق الأشجار، ويضعان خلفه
طبلاً صغيراً. وفي يده صولجاناً، ثم يرتبان المكان جيداً.. بعدها يقفان إلى جانب الحمار كحاجبين.)
(يتغير المنظر، يظهر الديك، يدخل الأرنب والخروف..)
الأرنب: هل رأيت الحمار أيها الديك؟
الخروف: ألم تلمحه؟ ألم تسمع صوته؟
الأرنب: أين الحمار أيها الديك. لماذا أنت صامت؟ قل شيئاً يا صديقي.
الديك: (بضيق) لن أقول شيئاً.
الخروف: لماذا؟!
الديك: لأنكما لم تبدأا الكلام بالسلام. هذا أولاً.
الخروف: صباح الخير.مساء الخير أيها الديك. وثانياً؟
الديك: ثانياً: أريد أن أعرف لماذا تبحثان عن الحمار، ماذا تريدان منه؟
الأرنب: نبحث عن الحمار لأن صاحب البستان يبحث عنه وهو غاضب جداً.
الديك: لماذا؟ هل رفسه الحمار أم رفس ابنه الشقي؟
الأرنب: لا، لم يرفس الحمار صاحب البستان ولم يرفس ابنه.
الخروف: ولم يرفس أحداً. فاطمئن.
الديك: لا بد أنه نهق في الصباح فأزعج…
الأرنب: لم ينهق ولم يزعج أحداً.. فاطمئن.
الديك: ماذا فعل إذاً؟
الخروف: تخلف عن الذهاب إلى الطاحونة. فبقي الحَبُّ بلا طحن.هل ارتحت الآن أيها الصديق الملحاح؟
الديك: (يتنهد) نعم.
الأرنب: والآن. هل رأيت الحمار أيها الحمار؟
الديك: ماذا؟!
الأرنب: أقصد أيها الديك.
الديك: نعم. رأيته قبل قليل. ذهب من هذه الناحية.
الأرنب: من هذه الناحية؟
الخروف: هذا يعني أنه ذهب إلى مكانه المعتاد.
الديك: أين؟
الخروف: تحت شجرة التوت الأحمر.
الديك والأرنب:خارج السور؟!
الخروف: نعم.
الأرنب: هيا. هيا نذهب إليه قبل أن يحل المساء وإلا..(يخرجون وهم ينادون الحمار..)
(يتغير المنظر، يظهر الحمار وهو نائم، و إلى جانبيه يقف كل من الثعلب والذئب بصمت وخشوع، تسمع أصوات الأصدقاء وهم ينادون الحمار.يدخلون، يقفون وهم
يتبادلون نظرات الاستغراب والخوف. يفتح الحمار عينيه. ينظر إلى الأصدقاء باستغراب. يتلفت، يرى الذئب والثعلب، يضطرب، يحاول الهرب.. )
الذئب والثعلب: صباح الخير والبركة والهناءة يا مولانا.
الحمار: (باستغراب) من؟!
الثعلب: أنا حاجبك اللطيف يا مولاي الملك المعظم.
الذئب: وأنا حاجبك المهذب يا مولاي الملك المهاب.
الحمار: (بذهول) الملك؟!
الثعلب: وهؤلاء السادة هم وزراؤك يا مولاي.
الحمار: وزراء؟ وزرائي؟!
(يومئ الثعلب للأصدقاء إيماءة صغيرة. فينحنون للحمار، يتأمل الحمار ما حوله بذهول وسرور، يتلمس تاجه. ثم يتلمس الطبل. يقرع عليه بتهيب؛ فيركع الثعلب
والذئب بخشوع زائد. يتلمس الصولجان. تـمر لحظات من الصمت.. يقف. ثم يجلس)
أيها الوزراء.. (يصمت بحيرة)
الثعلب: أيها السادة الوزراء، السادة الخروف الذكي والديك الجميل، والأرنب البطل.. مولانا الملك الذكي والجميل والبطل والصنديد يخاطبكم.
الديك: (بهمس) نحن وزراء؟!
الأرنب: اصمت.
الديك: هل نحن وزراء فعلاً؟!
الثعلب: نعم يا سيدي الديك. أقصد يا سيدي الوزير.
الديك: سيدك! أنا سيد الثعلب!
الخروف: غريب!!
الديك: (للأرنب) هل سمعت ماذا قال لي الثعلب؟ قال لي: يا سيدي. أنا سيد الثعلب.
الأرنب: كفّ عن الثرثرة أيها المهذار.
الديك: أنا مهذار؟!
الأرنب: (بهمس) وحمار أيضاً.
الديك: أنا؟!
الحمار: أيها الوزراء.
الأصدقاء: (بتردد) نعم.
الحمار: أنتم.. أنتم أغبياء.
الأصدقاء: نحن؟!
الثعلب: (بهمس) هس.
(يصمت الأصدقاء، يتبادلون نظرات الاستغراب والخوف)
الحمار: أيها.. الأغبياء، انصرفوا من هنا.
الأصدقاء: حاضر.
(يهم الأصدقاء بالانصراف)
الثعلب: إلى أين؟ انتظروا يا سادة.
(يهمس في أذن الحمار. الحمار يعترض. ثم يهز رأسه بالإيجاب)
أيها الوزراء المحترمون، لقد عفا عنكم مولانا الملك.
الذئب: عاش الملك.
الثعلب: عاش.
الحمار: أيها الحاجبان.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
(يمد الحمار يديه ورجليه. يتبادل الذئب والثعلب النظرات باستغراب)
الحمار: ماذا حدث لكما أيها الغبيان؟
الذئب: غبيان؟!
الثعلب: (يلكز الذئب) أمر مولاي.
الحمار: ادلكا جسدي، أريد الاسترخاء قليلاً.
الذئب: (بحنق) ماذا ؟!
(الثعلب يلكز الذئب محذراً)
الثعلب: حاضر يا مولانا الملك.
(الذئب والثعلب يدلكان جسد الحمار. الأصدقاء يتبادلون النظرات وهم في حالة ذهول.. يتهامسون)
الديك: انظرا. الثعلب والذئب يدلكان جسد الحمار.
الخروف: وهما راكعان بخشوع.
الأرنب: غريب ؟! هل هذا حلم؟
الديك: لا. هذا ليس حلماً.
الأرنب: ما هو إذاً؟
الخروف: إنها الحقيقة.
الأرنب: مستحيل. لا أصدق ما أراه.
الخروف: كيف لا تصدق ما تراه ؟ يجب أن تصدق.
الأرنب: إنه أمر غير معقول.
الديك: لا بأس أيها الأرنب، ما رأيك أن أجعلك تصدق ما تراه؟
الأرنب: كيف؟
الخروف: ماذا ستفعل؟
الديك: راقبا ما سأفعله.
(يحاول الديك الاقتراب من الثعلب والذئب مرات عديدة بتردد. يتراجع بخوف، بعد لحظات ينادي الثعلب بصوت واهن) أيها.. الثعلب.
الثعلب: نعم يا سيدي الوزير.
الديك: هل.. هل أنت الثعلب فعلاً؟
الثعلب: أنا حاجب الملك يا سيدي.
الديك: (بتردد) أيها الحاجب.. اقترب.
الثعلب: أمرك يا سيدي.(يقترب)
الديك: (بخوف) أيها الحاجب.. قف.
الثعلب: أمرك يا سيدي. (يتوقف)
(يسترق الديك النظرات إلى الأرنب والخروف. بتردد).
الديك: ما رأيك أيها الثعلب..
الثعلب: أنا الحاجب يا سيدي.
الديك: ما رأيك أيها الحاجب أن.. أن ترقص.
الثعلب: أمرك يا سيدي.
(الثعلب يرقص.. الديك ينظر إلى الأرنب بغرور)
الديك: ارقص أيها الحاجب.(يرجع إلى الوراء) ارفع يسراك، ارفع يمناك. تثن أكثر. اصعد. اهبط. أكثر. أكثر.. كفى.
الثعلب: حاضر يا سيدي.
الديك: (للأرنب) هل صدقت؟
الأرنب: غريب!!
(الثعلب يهمس في أذن الحمار المسترخي، الحمار يهز رأسه بالإيجاب. الثعلب يقرع الطبل، يجفل الجميع).
الثعلب: أمر ملكي:
(الذئب يطلب من الأصدقاء الوقوف والصمت) يمنع الهمس والتجمع دون إذن شخصي من مولانا الملك أو من أحد حاجبيه اللطيفين المخلصين.
الذئب: عاش الملك.
الثعلب: عاش.
(يتبادل الأصدقاء النظرات باستغراب)
الأرنب: ما هذا الأمر الغريب؟!
الديك: هس. إنه أمر ملكي.
الأرنب: لكن..
الثعلب: ممنوع الهمس أيها السادة.
الذئب: والتجمع أيضاً.
الديك: حاضر.
(يبتعد عن الأرنب والخروف. الأرنب يفكر.. )
الأرنب: البستان. كيف نسينا البستان؟!
الديك والخروف: البستان؟!
الثعلب: البستان؟!
الأرنب: يجب أن نعود إلى البستان.
الذئب: ممنوع.
الأرنب: ممنوع؟!
الثعلب: الهدوء. الهدوء أيها السادة.
(يهمس في أذن الحمار. الحمار يهز رأسه بالإيجاب. الثعلب يقرع الطبل).
أمر ملكي:
(الذئب يطلب من الأصدقاء الانحناء. ينحنون)
على جميع الرعية-دون استثناء- عدم الركض والقفز والتحليق والطيران أثناء التنقل إلا بأمر من الملك أو أحد حاجبيه المهذبين المخلصين.
الذئب: عاش الملك.
الثعلب: عاش؟
الذئب: (بهمس للثعلب) أنا جائع جداً يا صديقي.
الثعلب: أنا أيضاً جائع يا صديقي.
الذئب: لماذا لا تصدر أمراً ملكياً يسمح لي بافتراس أحدهم.
الثعلب: انتظر يا صديقي.
الذئب: (بحنق) إلى متى؟ لقد نفذ صبري.
الأرنب: (للخروف بهمس) إنهما يتهامسان. ألم يمنع الملك التهامس؟
الخروف: بلى.
الثعلب: ممنوع الهمس أيها السادة. إنه أمر ملكي.
الذئب: ومن يخالف الأوامر سأفترسه.
(يعوي، حالة من الصمت المريب. الثعلب يلكز الذئب ، يضحكان، فتبرز أنيابهما)
الأرنب: (لنفسه) ما يحدث ليس حقيقة، وليس حلماً، ما الحكاية؟ في الأمر سر.
الخروف: (بهمس للأرنب) هل رأيت أنيابهما؟
الأرنب: نعم.
الخروف: في الأمر سر.
الأرنب: نعم يا صديقي.
(يقرع الثعلب الطبل، يجفل الحمار خائفاً )
الثعلب: أيها السادة الوزراء، لقد استيقظ مولانا من غفوته الهانئة ونحن الآن بانتظار أوامره الملكية ورغباته المستجابة.
(الحمار يتمطى، يتثاءب..)
الثعلب والذئب: أمر مولانا.
الحمار: هل طلع الفجر؟
الذئب: لا يا مولاي.
الثعلب: سيطلع يا مولاي.
الحمار: غريب. كيف لم يطلع. لقد استيقظت.
الذئب: نحن في آخر الليل يا مولاي.
الحمار: أريد أن يطلع الصباح حالاً. أريد أن أرى الآن أولى خيوط الفجر.
الثعلب: ستراها يا مولاي.
الذئب: وسترى نجوم الظهر أيضاً يا مولاي.
الحمار: لماذا لم يصح الديك عندما استيقظت؟!
الديك: سأصيح عندما يطلع الفجر يا مولاي.
الحمار: (بغضب) لكنني استيقظت أيها الغبي، هيا صح.
الديك: هذا لا يجوز يا مولاي.
الحمار: هل ترفض أوامري؟!
الذئب: هل أعاقبه يا مولاي؟
الحمار: انتظر أيها الحاجب.
الذئب: إنه يتمرد. يتمرد على أوامرك يا مولاي.
الديك: أنا لا أتمرد.
الثعلب: هيا صح إذاً.
الديك: لا أستطيع.
الذئب: سأفترسك الآن.
الحمار: انتظر أيها الحاجب الغبي.
الذئب: (بضيق) ماذا قلت أيها الحمار؟
الحمار: أنا حمار؟!
الثعلب: لا يا مولاي. أنت سيدنا. عاش مولانا الملك.
(يلكز الثعلب الذئب..)
الذئب: عاش مولانا الملك.
(يقرع الثعلب الطبل مرات عديدة.. يتبادل الأصدقاء النظرات..)
الأرنب: (للخروف بهمس) في الأمر خدعة مدبرة.
الخروف: ماذا تقصد؟
الأرنب: الذئب والثعلب.
الخروف: الحاجبان؟!
الأرنب: بل الوحشان يا صديقي.
الخروف: الوحشان!
الأرنب: يجب أن نفعل شيئاً وإلا…
الثعلب: أيها السادة الوزراء. حان الآن موعد تتويج مولانا الملك. إنه يوم تاريخي مجيد.
الذئب: عاش مولانا الملك التاريخي.
الثعلب: علينا الانتقال حالاً إلى العرين. قصر مولانا.
الأرنب: أين عرين الحمار.. أقصد قصر مولانا الملك.
الثعلب: إنه في قلب الغابة أيها السادة.
الأرنب: في قلب الغابة؟!
الخروف: (بهمس) كيف الخلاص من هذه المصيبة يا صديقي؟
الأرنب: لا أعرف. لكن لا بد من حيلة.
الخروف: حيلة؟!
الثعلب: هيا أيها السادة. لنحمل مولانا إلى العرين.(يقرع الطبل..)
الخروف: (للأرنب) وجدت حيلة.
الأرنب: ما هي؟
الخروف: صياح الديك.
الأرنب: أصبت.
الثعلب: هيا أيها السادة. تفضل يا مولاي.
(يسيرون..)
الأرنب: لكن هذا لا يجوز يا مولاي.
(يقف الجميع..) كيف سيقام حفل تتويج مولانا الملك دون حضور الرعية.
الذئب والثعلب: الرعية؟!
الحمار: لتحضر الرعية.
الثعلب: أية رعية أيها الوزير؟
الأرنب: الرعية: الدجاجات والبطات والحمامات والحملان.
الذئب: (بسرور) فلتأت الرعية حالاً أيها الوزير الفهمان.
الثعلب: كيف ستحضر الرعية أيها الوزير؟
الخروف: ليذهب أحدنا إلى البستان.ويطلب من الرعية الحضور إلى هنا.
الثعلب: البستان؟!
الذئب: عظيم. ليذهب أحدكم.
الثعلب: لا يا صديقي. هذا لا يجوز.
الذئب: لماذا؟
الثعلب: الذهاب إلى البستان، وفي هذا الوقت. خطر يا صديقي.
الذئب: والرعية؟ (بهمس) الدجاجات والبطات أيها الثعلب؟
الثعلب: (بهمس) وصاحب البستان والكلاب أيها الذئب؟
الأرنب: لا بأس. يمكن أن ندعو الرعية إلى الحضور دون أن يذهب أحد منا إلى البستان.
الثعلب والذئب: كيف؟!
الأرنب: الديك. اطلبوا من الديك الصياح الآن وستأتي الرعية حالاً.
الديك: (بضيق) ماذا تقول أيها الفهمان؟! كيف سأصيح الآن؟ هذا لا يجوز. لا يجوز يا صديقي.
الذئب: هيا صح أيها الديك.
الديك: لا أستطيع. يجب أن ننتظر الفجر.
الخروف: (يقرصه) صح أيها المهذار.
الديك: (بعصبية) أي. أنت أيضاً.ماذا حدث لكم؟
الخروف: صح يا صديقي.(بهمس) إننا في خطر.
الديك: خطر؟
الخروف: هس أيها الغبي.
الديك: أين الخطر؟!
الحمار: صح أيها الثرثار.
الذئب: صح وإلا افترستك.
الديك: حاضر. سأصيح. سأصيح. لكن الفجر لم يطلع. هل تعرف ماذا يعني هذا يا مولاي؟
الثعلب: ماذا يعني؟
الديك: يعني…
الأرنب: (يقاطعه) لكن الفجر طلع أيها الأحمق. ألم يستيقظ مولانا؟
الديك: بلى، لكن..
الأرنب: (يقاطعه) ما دام مولانا قد استيقظ فهذا يعني أن الفجر قد طلع.
الحمار: هذا صحيح أيها الديك.
الذئب: هيا صح قبل أن أفترسك. (يعوي)
الديك: حاضر، لكن ستندمون، ستندمون جميعاً.
الثعلب: (لنفسه) سنندم؟! ماذا يعني؟
(يصيح الديك بتردد وصوت خافت. الأرنب والخروف يحثان الديك على رفع صوته أكثر. ويطلبان منه الصعود إلى تلة عالية) في الأمر سر ما، لكن ما هو؟
الأرنب: هل ترى أحداً ما؟
الخروف: هل جاء أحد يا صديقي؟
الديك: لا.
الأرنب: ارفع صوتك أكثر.
(الديك يصيح..) أكثر يا صديقي. هل جاء أحد ؟
الثعلب: (للأرنب) من سيجيء؟
الأرنب: الكلاب و. (يصمت خائفاً).
الثعلب: من؟!
الأرنب: (بخوف) أقصد الرعية. الدجاجات والبطات والحمامات.
الثعلب: (لنفسه) في الأمر سر.
الخروف: هل ترى أحداً؟
الديك: لا.
الذئب: ارفع صوتك.
الثعلب: (للخروف) صوت الديك جميل.
الخروف: نعم.
الثعلب: إنه يبعث النشاط في الجسم.
الخروف: نعم. وخاصة في وقت الفجر.
الثعلب: وفي الليل؟! ماذا يعني صياح الديك أيها الصديق؟
الخروف: (بحماس) يعني أن نـهبّ للنجدة. فنحمل سلاحنا و.. (يصمت) لماذا تسأل؟
الثعلب: (بحنق) تهبون للنجدة. هكذا إذاً؟ (للديك) كف عن الصياح أيها الديك. اصمت أيها الديك.
الديك: (بسخرية) اصمت. ما الفائدة من الصمت الآن.
الذئب: دعه يا صديقي.
الثعلب: إنها خدعة أيها الذئب.
الذئب: أعرف إنها خدعتنا.
الثعلب: بل خدعتهم يا صديقي. صياح الديك خدعة.
الذئب: كيف؟
الثعلب: الديك يستنجد. ينادي صاحب البستان والكلاب وكل الأعداء.
الذئب: ماذا قلت؟ اللعنة (للديك) هيا انزل أيها الغبي. كف عن الصياح وإلا افترستك.
الديك: ما هذا؟ مرة تطلب مني أن أصيح وإلا ستفترسني. والآن تطلب مني أن أصمت وإلا ستفترسني. ما الحكاية؟ أريد أن أفهم.
الأرنب: صح أيها الديك.
الذئب: كف عن الصياح أيها الديك الغبي.
الحمار: دعه أيها الحاجب.
الذئب: اصمت أيها الحمار.
الحمار: أنا حمار؟!
الثعلب: لا يا مولاي. أنت لست الحمار. أنت الملك. ويجب أن تأمر الديك بالصمت.
الحمار: لماذا؟
الثعلب: لأن صياحه خطر عليك.
الحمار: كف عن الصياح أيها الديك.
الأرنب: لا تصدق الثعلب يا صديقي الحمار.
الحمار: أنا الحمار؟!
الأرنب: نعم يا صديقي. أنت صديقنا الحمار.
الحمار: اللعنة عليك.
الثعلب: إنهم مؤامرة يا مولاي.
الديك: هل أصيح أم أصمت؟
الثعلب: اصمت.
الأرنب: صح.
الحمار: اصمت.
الديك: ماذا حدث لكم. اتفقوا على رأي واحد. هل أصمت أم أصيح؟ أريد رأياً واحداً.
الأرنب: صح يا صديقي.
الذئب: اصمت أيها الغبي.
الخروف: صح يا صديقي.
الديك: لن أصيح.
الخروف والأرنب: لماذا؟ نحن في خطر.
الديك: لقد جاؤوا.
الذئب: من؟
الحمار: من جاء؟
الثعلب: لابد أنهم الأعداء يا مولاي. الطامعون في عرشك.
الحمار: عرشي؟
(يقفز من مكانه، يرفس، ينهق)
أين هم الأعداء؟
الثعلب: إنهم أمامك.
الحمار: أيها الأعداء. (يهاجم الأرنب والخروف..)
أيها الحاجبان اقبضا على أعدائي.
(الذئب والثعلب يهاجمان الأرنب والخروف، الديك يصيح. تسمع أصوات طلقات ونباح كلاب، يهرب الذئب والثعلب. ينـزل الديك، صمت، يقف الجميع أمام الحمار
غاضبين: حانقين).
أيها السادة الوزراء، صباح الخير. مساء الخير. تصبحون على خير. (يضحكون، يحملون الحمار)
إلى القصر أيها السادة.
الخروف: بل إلى الحظيرة أيها الحمار.
الحمار: الحظيرة؟!
الأرنب: نعم. (ينـزل عن ظهورهم..)
الحمار: أيها الأغبياء. هل نسيتم من أنا؟ أنا..
الخروف: (بسخرية) هس.
الحمار: ماذا حدث أيها الوزير؟
الخروف: لا تتحرك.
الحمار: لماذا؟
الخروف: ملك الغابة. إنه خلفك.
الحمار: خلفي؟
الخروف: نعم. تقدم بهدوء. خطوة خطوة. انتبه (الحمار يسير بهدوء وخوف) إنه خلفك. احذره. هيا انطلق صوب البستان بسرعة. (الحمار
يركض.. الجميع يضحكون)
الديك: إنه خلفك يا صديقي.سيصل إليك. احذره. انعطف يميناً. انعطف يساراً. اركض. أسرع. أسرع.
(يضحكون..).
النهـــــــــايــــــــــــة
نايس مان
sami50071@gmail.com