ترتدي
الرياضة الكوستاريكية ثوب الاحتفال غدا السبت في افتتاح الاستاد الوطني
الجديد الذي سيتحول إلى أحدث ملعب للكرة في منطقة أمريكا الوسطى وربما في
العديد من دول أمريكا اللاتينية أيضا.
ولا يمثل بناء استاد جديد أمرا فريدا في حد ذاته ، لو لم تكن الصين هي الجهة الممولة له بتكلفة بلغت نحو 100 مليون دولار.
وسيكون المنتخب الآسيوي هو أول مدعو غدا السبت لخوض مباراة ودية أمام
كوستاريكا ، لكن الزائر الثاني يوم الثلاثاء المقبل لن يكون سوى المنتخب
الأرجنتيني صاحب التاريخ الطويل في عالم كرة القدم ، يقوده أفضل لاعبي
العالم ليونيل ميسي.
وستختتم الاحتفالات بعد 16 يوما ، وتحديدا في العاشر من نيسان/أبريل المقبل ، بحفل تحييه المطربة الكولومبية الشهيرة شاكيرا.
ويمثل الاستاد بادرة "امتنان" من جانب العملاق الآسيوي للقرار الذي اتخذته
كوستاريكا في حزيران/يونيو عام 2007 بإقامة علاقات دبلوماسية مع بكين ،
خلال فترة حكم الرئيس السابق لدولة أمريكا الوسطى أوسكار أرياس ، الحائز
على جائزة نوبل للسلام.
وكان الاستاد أحد المطالب المباشرة لأرياس ، بعد عرض الصين إقامة أواصر
دبلوماسية بين البلدين الأمر الذي اضطر كوستاريكا إلى قطع علاقات استمرت 63
عاما مع تايوان ، "الإقليم المنشق" كما تطلق عليه بكين.
لكن الاستاد الوطني ، العمل الذي شيد في فترة تعد قياسية (22 شهرا) على
أيدي مهندسين وعمال صينيين ، والذي يتضمن فندقا للرياضيين ، ومكاتب تكفي 32
اتحادا رياضيا ، ومضمار لألعاب القوى ، وبناء يحاكي بذرة البن (المنتج
الذي يعد رمزا لدى مواطني كوستاريكا)، لم يكن هو الاستثمار الأوحد الذي
قامت به السلطات الصينية.
فعقب إقامة العلاقات الدبلوماسية ، تعهدت الصين بالاستحواذ على سندات
للديون الكوستاريكية بقيمة 300 مليون دولار ورصدت إلى جوار ذلك 150 مليونا
أخرى لمشروعات التعاون الثنائي. وكما لو كان كل ذلك قليلا ، أهدوا 200
سيارة دورية لوزارة الأمن العام (الداخلية) من أجل تعزيز دور الشرطة.
وتعد كوستاريكا الدولة الوحيدة في أمريكا الوسطى التي اختارت النظر صوب
العملاق الآسيوي. فباقي دول المنطقة لا تزال تعتبر تايوان حليفها الأساسي.
وبعد نحو أربعة أعوام من إقامة العلاقات الدبلوماسية ، وقع البلدان على
اتفاقية للتجارة الحرة ستعزز التبادل التجاري الكبير بالفعل بينهما ، والذي
وصلت قيمته في 2010 إلى ملياري دولار.
والهدف واضح أمام السلطات الصينية وهذا ما يؤكده ممثلوها الدبلوماسيون في
كوستاريكا ، البلد الذي يفترض أن يتحول إلى منصة لهم من أجل نشر مصالحهم
السياسية والتجارية إلى باقي منطقة أمريكا الوسطى.
ويبقى الهدف الأول للصين متمثلا دوما في مد تأثيرها إلى العالم كله وتقليص
أثر تايوان، التي لا يعترف بها في الوقت الحالي سوى 24 دولة.
وتمثل كوستاريكا معقلا استراتيجيا انتزعته بكين من "الإقليم المنشق"، لأنها
تعي أنه عاجلا أو آجلا ستقوم بعض الدول الأخرى في أمريكا الوسطى بنفس
الخطوة التي قامت بها سان خوسيه.
وكما لو كان الهدف الرئيسي هو إثارة حسد باقي دول المنطقة ، سيستضيف الملعب
الجديد الذي يسع 35 ألف متفرج الأرجنتين بقيادة نجمها ميسي الثلاثاء
المقبل. قبل أن تغني عليه الفاتنة شاكيرا في العاشر من الشهر المقبل.