شجرة المحلمية

فجأة ومن غير سابق إنذار توترت العلاقة بين أنقرة وواشنطن، وكادت تصل إلى حدود القطيعة الدبلوماسية، أو إلى مراحل خطيرة، على ما صرّح به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وإلى استدعاء السفير التركي في واشنطن للتشاور، وإلغاء زيارات كانت مقرّرة لبعض الوزراء الأتراك إلى أميركا، وكل ذلك على خلفية القرار الذي وافق عليه الكونغرس، واتهم فيه الدولة التركية بالمسؤولية عن المجازر التي قيل إنها ارتكبت بحق الأرمن، وبغضّ النظر عن حقيقة ذلك، وعن مدى الصحة فيه. وقد لاقى هذا القرار استياء وغضباً عارمين في الشارع التركي حكومة وجيشاً وشعباً. كذلك ساءت العلاقة بين الدولة التركية وبين الإتحاد الأوروبي الذي كانت تسعى لدخول ناديه، وذلك على خلفية دعم دول الإتحاد للقضية الكردية، ولحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد الحكومات التركية المتعاقبة من أجل إقامة دولة كردية مستقلة. وأمام هذه القرارات والمواقف، ومع تصاعد ملحوظ للعمليات المسلحة التي يشنّها حزب العمال الكردستاني على المصالح والمؤسسات التركية انطلاقاً من شمال العراق، حيث تتواجد بعض قواعده، قرّرت الحكومة التركية شنّ عملية عسكرية في شمال العراق، لتوجيه ضربة لحزب العمال، رغم الإعتراضات الأمريكة، ومهما كلـّف ذلك من ثمن، وهذا ما أكـّده أردوغان أكثر من مرّة. فماذا في حقيقة الموقف التركي من هذه الأحداث ومن غيرها؟

الحقيقة أنها ليست المرّة الأولى التي تدخل فيها القوات التركية إلى شمال العراق لتوجيه ضربات للإنفصاليين الأكراد؛ فقد حصل ذلك خلال عقد التسعينات، وكان بموافقة الحكومة العراقية المركزية آنذاك، ثمّ إن الحكومة التركية الحالية وقـّعت منذ مدة وجيزة اتفاقية مع الحكومة العراقية المركزية تسمح للقوات التركية بدخول شمال العراق لذات الغاية، وبالتالي ليس جديداً قيام الجيش التركي بمثل هذه الخطوات. ولكن الجديد أن يكون في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة عموماً، خاصة وأن تحركات الأكراد الأتراك ليست جديدة أيضاً، ولم تتجاوز بعدُ الخطوط التي يمكن معها تهديد وجود الدولة التركية، ولكن هناك ما يهدّد وحدة الكيان التركي، والمصالح التركية، والدور التركي في المنطقة، وهو الذي دفع إلى اتخاذ هذا القرار، ولذلك أكـّد رئيس الوزراء أنه جدّي في قراره، ومصرّ على تنفيذه مهما بلغ الثمن الذي سيدفع، لأنه يدرك أن عدم القيام بأية خطوة عملية ميدانية، سيعني دفع ثمن أكبر، قد يكون وحدة الأراضي التركية ذاتها.

لقد وافق الكونغرس الأمريكي مؤخراً على تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات عرقية ومذهبية كحلّ للأزمة العراقية المستعصية، وتوافقه على ذلك بعض دول المنطقة المجاورة، لا سيما إيران، وإن لم تبد ذلك علناً؛ وهذا ما يعني لاحقاً تحقيق الحلم الكردي بإقامة دولة كردية في كردستان العراق، قد تمتدّ ، بل من المؤكد أنها ستمتدّ إلى عمق الأراضي التركية التي يقيم فيها الأكراد، وهذا ما يهددّ وحدة الكيان التركي. كذلك هناك تصريحات أمريكية سابقة وقديمة كانت قد أكـّدت أن المشروع الأمريكي للمنطقة منذ احتلال العراق يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة برمتها من جديد، ما يعني تقسيم بقية دول المنطقة، وقد عرضت مجلة امريكية مقرّبة من وزارة الدفاع والجيش الأمريكيين خريطة جديدة لدول المنطقة تظهر تقسيم معظمها . ثمّ هناك الإنسحاب الأمريكي من العراق، خاصة بعد تزايد الضربات التي يتلقاها وتـُدْفعه ثمناً كبيراً، وقد بدأ الحديث يكثر في الأوساط الأمريكية الرسمية عن ضرورة الإنسحاب وتقليص عدد القوات، وهذا بدوره إن تمّ سيترك فراغاً في الساحة العراقية، كانت إيران أول من صرّح أنها على استعداد لملء هذا الفراغ. وأخيراً وليس آخراً هناك الدور الإيراني المتنامي في المنطقة، والذي يحاول أن يجعل قرارها بيده من خلال السيطرة على منابع النفط، وإقامة شبكة تحالف مع العديد من الحلفاء على مستوى الدول والمنظمات بهدف تأمين هذه السيطرة. وأمام كل ذلك وجدت الحكومة التركية أن مصالحها ودورها ، بل وكيانها، مهدّد في المنطقة، وبالتالي وجدت أنه لا بدّ من القيام بخطوات معيّنة بهدف تأمين هذه المصالح وهذا الدور، وبهدف الحفاظ على الكيان العراقي ليكون ضمانة لبقاء الكيان التركي، ومن هنا جاء القرار التركي بتوجيه ضربة عسكرية للأكراد في شمال العراق بهدف إعادة خلط الأوراق من جديد للحفاظ على الدور والمستقبل.

لقد اتخذت الحكومة التركية القرار، أولاً لتقليص حجم ودور وطموح حزب العمال الكردستاني، ووضع حد لنشاطه في شمال العراق. ثمّ لتأمين المصالح التركية في هذا البلد، وفي كل المنطقة، خاصة وأن الأتراك يدركون أن الدور الذي تلعبه تركيا إلى الآن على مستوى المنطقة لم يعد يتناسب مع حجم وتاريخ هذه الدولة، لذا هم يريدون الخروج عن هذه القاعدة للعودة إلى المسرح الإقليمي الذي يؤمّن لهم مصالحهم التي باتت مهددة أكثر مع بروز قوى جديدة على هذا المستوى؛ ولذلك فهم يريدون أن يعززوا الدور التركي في العراق، وفي بقية المنطقة، حتى لا تقع كل المنطقة تحت تأثير الدور الإيراني مستقبلاً. ثمّ إن الأتراك يريدون دخول العراق ليكونوا على مقربة من صناعة الحدث مباشرة، وكي يتمّ ملء أي فراغ يحدثه انسحاب أمريكي مفاجىء من العراق. وثالثاً لقطع الطريق على خطوات التقسيم التي تسعى إليها أميركا، وتالياً منع إقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق قد يكون طموحها التمدد باتجاه الداخل التركي لضمّ الأكراد الأتراك إلى هذه الدولة، وهذا ما لا يخفيه الأكراد، وهو ما يقلق دول الجوار. وبالتالي فإن الخطوات التركية التي أكـّد اردوغان أن حكومته مستعدة لدفع ثمن الإقدام عليها مهما بلغ الثمن، لا شكّ أن ثمن إهمالها سيكون أبهض، لذا فإن توازنات وتحالفات جديدة قد تشهدها المنطقة مع الخطوات القادمة، كما وأننا قد نشهد فشل مشروع التقسيم من خلال الخطوات التركية، وهذا ما سنشهد آثاره ونتائجه على كافة الملفات، وقد بدأنا نلمس بعضه عندنا في بيروت في ازمتنا المستعصية، وهذا ما سيتضح أكثر مع الأيام القادمة.

الكاتب : وائل نجم

نقلا عن " الإسلام اليوم"

» صحفية تركية: الاستخبارات الأمريكية تستخدم عصابات في سورية
» خبير يدعو لدعم دمشق للتغلب على مخطط التقسيم
» اختلاسات "سعودي أوجيه" لصاحبها سعد الحريري تهدد أكبر مشاريع التعليم بالسعودية

شجرة المحلمية

بعد طول انتظار!! نوكيا C1 و نوكيا C2 جوالات تعمل بشريحتين ” Dual Sim “

توقعات ليلى عبد اللطيف لهذا العام

قناة اورينت ((نوع جديد من خداع الشعب السوري ))

هل السريان هم اشورين

دراسة عن الكورد في سورية

بعد النجاح الكبير لألبومه الديني الإسلامي وائل جسار يحضر لألبوم مسيحي

دراسة عن القبائل ( اليزيديون ) في سورية

رثاء متأخر - للشاعرة لوران خطيب كلش

شخصية الاسبوع - سعد الله ونوس- اعماله

أخطاء الماسنجر

اعطال لوحة الام Motherboard

دراسة عن المحلمية في سورية

دراسة عن القبائل ( العربية ) في محافظة الحسكة

خطوات تركية لإفشال مشاريع التقسيم الأمريكية

عن القامشلي ماضيها وحاضرها

دراسة عن القبائل ( العربية ) في محافظة الحسكة

دراسة عن الجاجان والجركس في سورية

دراسة عن القبائل ( اليزيديون ) في سورية

دراسة عن الكورد في سورية

دراسة عن المحلمية في سورية

تعريف موجز عن السريان واللغة السريانية - الآرامية

هل التوراة الحالية كتاب اوحى به الله

من هم الاراميون - لمحة عن الحضارة الآرامية

الأرمن في سورية

هل السريان هم اشورين

لآشوريون - وبلاد اشور

كردستان رحم الزراعة الاولى

شجرة المحلمية

هجرة المحلمية

متى دخل المحلميون الاسلام

اليهود وحقدهم القديم الحديث على المسيحيين والفاتيكان

اليهود الصهاينة وعدائهم القديم الحديث للاسلام

مساهمات كردية في الحضارة الانسانية

قسم للتبادل والنشر الاعلاني