2-لزوم أدائها مع الجماعة في وقتها :

وتزداد فضيلة الصلاة ويتضاعف أجرها إدا أداها المسلم مع الجماعة وهذا يسري على الصلوات بصفة عامة، وصلاة الفجر بصفة خاصة.

وإليك أخي المسلم أختي المسلمة بعض مما ورد في فضل المحافظة على أداء صلاة الصبح في وقتها، ولاسيما في الجماعة: يقول الله تعالى «أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و قرآن الفجر ,إن قرآن الفجر كان مشهودا»(الإسراء 78) و المراد بقرآن الفجر صلاة الفجر، وسمية قرآنا لما سيتعب فيها من طول القراءة إلى غيرها من الصلوات , وهي صلاة مشهودة بنص القرآن الكريم ,يشهدها الله تعالى و ملائكته,و تشهدها ملائكة الليل والنهار.

وقال صلى الله عليه وسلم:«من صلى صلاة الصبح, فهو في ذمة الله, فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء, فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه, ثم يكبه على وجهه في النار جهنم.»أخرجه مسلم.

و المراد بذمه الله :عهده أو أمانه,أو ضمانه, وخصت صلاة الصبح بهذا الفضل دون سائر الصلوات ,لأن فيها كلفة وتثاقلا,فأداؤها مظنة إخلاص المصلي ,والمخلص في أمان الله,فينبغي عدم التعرض له بشيء ولو كان يسيرا فإن من يفعل دلك يعرض نفسه لانتقام الله منه,و الله مدركه لامحالة حتى يكبه على وجهه في النار ما لم يتب ,والله أعلم.

وعن جرير بن عبد الله(ض)قال:«كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال:أما إنكم سترون ربكم كما ترون هدا القمر، لاتضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» أخرجه مسلم .

وعن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه (ض) قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس و قبل غروبها»أخرجه مسلم,أي الفجر والعصر.



وعن أبي بكر عن أبيه:أن رسول الله(ص)قال:«من صلى البردين دخل الجنة»متفق عليه يعني الفجر والعصر.وفي التعليل لأفضلية صلاتي الفجر والعصر كما سواهما يقول العلامة المناوي:« وخصمهما لزيادة شرفهما ,أو لأنهما مشهودتان تشهدهما ملائكة الليل و النهار,أو لكونهما وقت التشغيل و التثاقل , ومن راعهما راعى غيرهما بالأولى ,ومن حافظ عليهما فهو على غيرهما أشد محافظة».

وعن أبي هريرة (ض)أن رسول الله (ص) قال:«تعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار, و يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يعرج الذي باتوا فيكم, فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟فيقولون:تركناهم وهم يصلون, وأتيناهم وهم يصلون»أخرجه البخاري.

وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان (ض)قال:« سمعت رسول الله (ص)من صلى العشاء في جماعة, فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله» أخرجه مسلم .

وعن أبي هريرة (ض) قال :قال النبي (ص) : " إن أتقل صلاة على المنافقين: صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا". أخرجه مسلم.

ويضاف إلى ما ذكرناه من أحاديث أن لصلاة الصبح في موعدها وفي جماعة معنى خاصا، نلحظ ذلك المعنى فيما سنه رسول الله (ص) من التثويب في آذانها، وهو قول المؤذن (الصلاة خير من النوم)، كما استحب الرسول (ص)أذانين لتلك الصلاة دون ما سواها.

فإذا أضاع الإنسان هذه الصلاة ، واستعاض عليها بالنوم حتى يفوت وقتها فلا يأمن حينئذ أن تناله عقوبة من اله على تفريطه فيها، خاصة إذا كان ذلك دأبه دائما.

وقد أورد الإمام البخاري في صحيحه حديثا طويلا يشتمل على رؤيا منامية رآها النبي (ص) - ورؤيا الأنبياء حق ووحي – ومن بين ما شاهده في تلك الرؤيا أنه (ص) أتى على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ " أي يشدخ " رأسه فيتدهـده الحجر ها هنا " أي يتدحرج"، فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل في المرة الأولى.

وحين سأل النبي (ص) الملكين اللذين اصطحباه عن تأويل هذا المشهد قالا له : " أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يتلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة " . أخرجه البخاري.

ومن جميل الأثر عن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب (ض) أنه سأل عن سبب تأخر أحد الأشخاص عن صلاة الصبح في الجماعة ، فعلم أنه تخلف عنها بسبب قيامه الليل كله، فلما حان موعد الصبح نام ، فلم يعجبه هذا السلوك وروى أن جماعة الصبح أفضل مما فعل هذا الرجل.

فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ أن سيدنا عمر (ض) فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، فمر على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لم أر سليمان في الصبح .فقالت إنه بات يصلي، فغلبته عيناه . فقال سيدنا عمر (ض): "لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي أن من أقوم ليلة".

فانظر أخي المسلم أختي المسلمة كيف لم يقبل عذر شخص في التخلف عن صلاة الصبح في جماعة، مع أنه قضى ليلته قائما بين يدي الله، فكيف بمن يضيعها عن وقتها بسبب لهو أو سهو أو سهر طويل لا يعود عليه بنفع في دينه أو دنياه.

فكم من أجور ضيعها معظم المسلمون يوم ناموا عن صلاة الفجر وكم من حسنات ضيعوها يوم سهو عنها وأخروها وكم من كنوز فقدوها يوم تكاسلوا عنها.

فصلاة الفجر يا عزيزي القارئ تعدل قيام ليلة كاملة مصداقا إلى قول الصادق المصدوق (ص) :"من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله".أخرجه مسلم.

هذا بالإضافة الى الحفظ في ذمة الله بدليل أن أبو ذر (ض) قال: قال رسول الله (ص) : " من صلى الصبح فهو في ذمة الله ".أخرجه مسلم.

أفلا يرضيك حالك أن تكون في ذمة مال الملوك ورب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ومن فيها القائل في كتابه العزيز : " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " الزمر الآية 67.

من ذا الذي لا يريد أن تكون ذمة الله تحيط به بالحماية له في نفسه وولده ودينه وسائر أمره فيحس بالطمأنينة في كنف الله وعهده وأمانه في الدنيا والآخرة ويشعر بأن عين الله ترعاه.
منقول للفائده .